للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتارة يكون انتقام الله من فوق الناس بتسليط الظلمة عليهم، أو بالتفريق والفتن بينهم.

قال تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىَ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}. [الأنعام: ٦٥]

قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: "أما العذاب الذي من فوقكم فأئمة سوء". (١)

ولقد كان كل عذاب ينزل على الأرض بأي صورة من الصور، إنما هو بأفعال الناس الفاسدة، وهكذا الأمر يكون إلى يوم القيامة.

قال تعالى -بعد أن ذكر ما نزل بتلك الأقوام من العذاب لإفسادهم-: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}. [الأعراف: ١٠٣، النمل: ١٤]

ومن أعظم عقوبات الله تعالى بالمفسدين، أنه يمدهم في طغيانهم، ولا يصلح أعمالهم.

قال تعالى: {إِنّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}. [يونس: ٨١]

فتفسد معيشتهم، ولا يهديهم إلى إصلاحها، كما حصل من أهل مأرب، وما كانوا عليه من عيشة رغيدة، وحياة سعيدة، وتقدم مدني، حتى استطاعوا - وقتئذ - أن يبنوا سداً عظيما، يحيي الله لهم به الأرض بعد موتها ... فلما أعرضوا عن الدعوة الحق أفسدوا .. فضرب الله عليهم السد، وقطعهم في الأرض أمماً، بما كانوا يفسدون.


(١) أخرجه ابن جرير (١١/ ٤١٧) من طريقين عن ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <   >  >>