طباعها .. وتآلف بعضها مع بعض رغم اختلاف ثقافاتها .. ثم اتحادها فيما بينها رغم تفاوت أجناسها وألوانها.
فانقلب ما كان بينهم من تطاحن ودماء، إلى محبة وإخاء، وأصبحوا عباد الله إخوانا، يُعلّم بعضهم بعضا، ويدافع بعضهم عن بعض، بعد أن كانوا أعداء، يقتل بعضهم بعضا.
فهذا الإمام أبو حنيفة النعمان إمام الفقه، والناس في مشارق الأرض ومغاربها عالة عليه في ذلك، وهو ليس بعربي، يتبعه العرب والأعاجم على اختلاف أصولهم.
وهذا الإمام البخاري من بخارى، وهي من أبعد البلاد عن العرب، أصبح إمام الثقلين في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، يأخذ منه العرب قبل العجم، ولا غنى للأمة البتة عن كتبه.
وهذا القائد طارق بن زياد البربري، كان قائداً للعرب ولقومه.
وما كان لهؤلاء تلك المنزلة إلا بعد قبولهم لدعوة الإسلام.
وغير هؤلاء ألوف مؤلفة أصبحوا علماء، وقادة، وأمراء، متعاونين متآلفين، بعد أن كانوا من بلاد شتى متنافرين، ومن أصول مختلفة متحاربين.
وأما تلك الشعوب التي تعد بألوف الألوف .. المتنافرة وفي كل شيء، في أصلها، ولغتها، وثقافتها، ودينها .. أصبحت -بعد أن انتشرت الدعوة