وعدم العمل بالعلم، وما يدعو إليه الداعية، يوحي إلى الناس فساد الدعوة، وكذب الداعي، مما يُورث النفور والاستهجان.
ولهذا كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، متنبهين أشد التنبه لهذا.
فكان أحدهم -وهو نبي الله شعيب - صلى الله عليه وسلم - يقول لقومه:{وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىَ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ .. }[هود: ٨٨]
بل إن الأنبياء والرسل جميعاً، كانوا يتصفون بالصدق قبل بعثتهم، وما صفة الأمين التي وُصِفَ بها النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعثته بغائبة يومئذ عن أذهان العرب (١) وكذلك قول قوم صالح لصالح: {يَاصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا .. } الآية. [هود: ٦٢]
فهي شهادة من أعدائه بصدقه، وعلوِّ منزلته فيهم قبل البعثة.
هذا من جهة المدعوين، وأما من حيث ربُّ الدعوةِ والمدعوين وأجره، فإن للداعية العامل بما يدعو إليه أجراً عظيماً عند الله.
وقد سبقت الأدلة على ما للداعية من أجر عظيم على دعوته، وإخلاصه في باب فضل الدعوة، مما لا حاجة لتكرارها.
وكما أمر الله عز وجل بالعمل بما يدعو إليه الداعية، حذر من مغبة عدم العمل بما يدعو إليه.
قال تعالى:{يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}. [الصف: ٢، ٣]
(١) أخرجه أحمد (١٥٥٤٣) بلفظ: فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - - قبل البعثة- فقالوا: أتاكم الأمين ..