للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٣ - سَأَلْتَ عَنْ قَوْلِ اللهِ - جَلَّ وَعَزَّ -: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} (١)، وقَوْلِهِ في مَوْضِعٍ آخَرَ: {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} (٢)، وفي مَوْضِعٍ آخَرَ {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} (٣)، وفي مَوْضِعٍ آخَرَ {مِنْ طِينٍ} (٤)؟ .

* وظَنَنْتَهُ اخْتِلافًا، وتَناقُضًا، ولم أَتْرُكْ ذِكْرَ هذا في كتابِ تأويلِ مُشْكِلِ القُرْآنِ إلا لوُضُوحِهِ عِنْدَ أَهْلِ المَعْرِفَةِ. ولَيْسَ في هذا اخْتِلافٌ بِحَمْدِ اللهِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَبارَكَ وتَعَالَى خَلَقَ الإِنْسانَ أَطْوارًا كَما قَالَ (٥). فَخَلَقَ آدَمَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِيْنٍ كَأَنَّهُ سُلَّ مِنْ جَميعِ طِينِ الأَرْضِ شَيْءٌ خُلِقَ مِنْهُ آدَمُ، فهو من طِيْنٍ، ومِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِيْنٍ، ثُمَّ تُرِكَ هذا الطِّيْنُ حَتَّى عادَ حَمَأً (٦) مَسْنونًا. والمَسْنونُ: المُتَغَيِّرُ الرِّيْح، وَيُقَالُ: هُوَ المَصْبُوبُ مِنْ قَوْلِكَ: سَنَّ الماءَ إذا صَبَّهُ (٧). وهذا مُسْتَقْصىً في كِتابِ غَريبِ القُرْآنِ (٨)، ثُمَّ صَوَّرَهُ مِنْ ذلك الحَمَأِ حَتَّى جَفَّ، فَصَارَ صَلْصَالًا أي يَتَصَلْصَلُ مِنْ


(١) سورة المؤمنين الآية ١٢.
(٢) الآية ١٤ من سورة الرحمن.
(٣) الآية ٢٦ من سورة الحجر.
(٤) الآية ٧١ من سورة ص.
(٥) في سورة نوح الآية ١٤: "وقد خلقكم أطوارًا".
(٦) الحمأ: الطين الأسود المنتن.
(٧) المسنون: المتغير المنتن. والمسنون: المصبوب.
(٨) انظر غريب القرآن لابن قتيبة ص ٢٣٨.

<<  <   >  >>