٥٢ - سألتَ عن قول اللهِ جلّ، وعزّ:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}(١)، وقلتَ: في هذا القولِ دليلٌ على أنّهُ قد أطلقَ له قتلَ الخطأ؟ .
• وليس هذا كما تَوَهَّمْتَ؛ لأنّ قتل الخَطَأ لا ئملك، ولا يجوز أن يستعبد الله عبادَهُ بما لم يَجْعَلْهُ في تركيبِهِمْ، فيقول: لا تَنْسَوْا، وقد جعل في تركيبِهِمْ النسيانَ، ولا تغلطوا، ولا تُخْطِئُوا، وقد جعل في تركيبِهِمْ الغلطَ، والخطأ، وإنّما أراد: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلا أن يَغْلَط كأنه يتعفد صيدًا يرميه، فيَصيدُ إنسانًا، فلا يكون في ذلك قَوَدٌ، لأنّهُ لا يملكُ الغلَطَ من نفسِه، وإنّما كان مباحًا له لو كان يملك الخطأ، كما يقول في الكلام: ليس لأحد أن يقتل صيدًا إلّا حلالًا، فيدل ذلك على أنه قد أطلق له قتله، وهو حَلالٌ، وحَظَرَهُ عليه، وهو مُحَرَّمٌ، لأنّهُ لا يملكُ قتلَهُ في الحالَينِ جميعًا.
(١) سورة النساء الآية ٩٢، وانظر القرطبي ٥/ ٣١١ - ٣١٤.