للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥٣ - سألتَ عن القَرْنِ في قولِ اللهِ جَلَّ وعَزَّ: {كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} (١)، وذَكَرْتَ أَنّهُ قد اخْتُلِفَ فيه، فقال قائلونَ ثمانونَ: سنةً، وقال آخَرونَ: أقلُّ ما بينَ القرنَينِ ثلاثونَ سنةً، وقال آخَرونَ: هو أربعونَ سنةً (٢).

• والذي عندي في القَرْنِ أَنّهُ من قولِكَ: فلان قَرْنٌ لفلان في السِّنُّ إذا كان لِدَتَهُ، فإذا اجتمع قومٌ متساوونَ في أسنانِهِمْ أي متقاربونَ، ثم ماتُوا، أو مات أكْثَرهُمْ، فقد مضى قَرْنٌ لِأَنَّ كلَّ واحدٍ منهم قَرْنٌ لصاحبِهِ هذا فيما لدى أهلِ الحربِ (٣). فأمّا مدَّتُهُ فإنّي اعتبرت فيها قولَ النابغةِ الجَعْدِيِّ (٤)، وكان قد عُمِّرَ مئةً وعشرينَ، سنةً وماتَ بأَصْبَهانَ (٥) وقال قبل مَوْتِهِ بأعوامٍ:


(١) سورة الأنعام الآية ٦، وانظر القرطبي ٦/ ٣٩١.
(٢) في اللسان (قرن): "القرن: الأمة تأتي بعد الأمة، والقرن من الزمان أهل زمان واحد. قيل: مدّته عشر سنين، وقيل: عشرون سنة، وقيل: ثلاثون، وقيل: ستون، وقيل: سبعون، وقيل: ثمانون، وقيل: أربعون سنة، وقيل: القرن مئة سنة، وجمعه قرون ... ". انظر تفسير القرطبي ٦/ ٣٩١، واللسان والتاج (قرن).
(٣) انظر اللسان (قرن).
(٤) هو أبو ليلى الجعدي العامري: قيس بن عبد الله بن عُدَس بن ربيعة: شاعر مُفْلق، صحابي من المعمرين. اشتهر بالجاهلية. وسمي "النابغة" لأنه أقام ثلاثين سنة لا يقول الشعر، ثم نبغ. فقاله. وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم، وسيّره معاوية إلى أصبهان مع أحد ولاتها. توفي بأصبهان نحو سنة ٥٠ هـ. الأعلام ٥/ ٢٠٧.
(٥) اختلف العلماء في وجه تسمية أصبهان بأصبهان. ذكر ياقوت الحموي في "معجم =

<<  <   >  >>