للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٠١ - سألتَ عن قولِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "المؤذنونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْناقًا يومَ القيامَةِ" (١) وقلتَ: ما في هذا من الفَضيلةِ أو المَثُوبَة، وهُو بأن يكونَ عقوبةً أشبهُ لما في ذلك من القُبْحِ والشُّهْرَةِ؟ .

• وقد ذَهَبْتَ في الغَلَطِ مذهبًا بعيدًا، وإنّما جعلَ اللهُ أعناقَهُمْ يومَ القيامةِ أطولَ من أعناقِ النّاسِ لرفعِهِمْ أصواتَهُمْ في الأَذانِ بذكرِهِ وتوحيدِه، فَرَفَعَهُمْ يومَ القيامةِ على الناسِ ليُعَرِّفَهُمْ إياهم، ويُعَرِّفَهُمْ فضلَ ما أعطاهُمْ من الكَرامة، ويَشْهَرَهُم بها.

• وأما قولُكَ إنَّ في طُولِ الأعناقِ قبحًا وشُهْرَةً، فإنه يَقْبُحُ من ذلك ما أَفْرَطَ، وتجاوزَ مقدارَ التركيبِ والبُنْيَة، وكذلك سائرُ الأَعْضاءِ إذا تجاوزَ بَعْضُها مِقْدارَ ما عَرَفَ الناسُ وأَلِفوا. فأَمَّا طُولُ العُنُقِ فَمُسْتَحْسَنٌ, وهو الجَيَدُ، والمَرْأَةُ جَيدَاءُ (٢)،


(١) رواه مسلم رقم ٣٨٧ في الصلاة، باب فضل الأذان، وهرب الشيطان عند سماعه، وأحمد في المسند ٣/ ٢٦٤، وابن ماجة ١/ ٢٤٠ حديث رقم ٧٢٥ في الأذان، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين، وجاء في شرحه في جامع الأصول ٩/ ٣٨٧: " (أطول أعناقًا) قال الهروي: قال ابن الأعرابي: أطول أعناقًا: أكثر أعمالًا، يقال: لفلان عُنُقٌ من الخير، أي قِطْعة، وقال غيره: من طول الأعناق، وهي الرقاب، لأن الناس يوم القيامة يكونون في الكرب، والمؤذِّنُون في الروح مشرئبُّون لأن يؤذَن لهم في دخول الجنة، وقيل: إنهم يكونون يومئذ رؤوسًا ومقدَّسين، والعرب تصف السادة بطول الأعناق، وروي إعناقًا بكسر الهمزة، أي: إسراعًا إلى الجنة، وهو العنق، وهو ضرب من سير الإِبل سريع".
(٢) الجَيَد: طول العنق وحسنه. وامرأة جيداء طويلة العنق حسنة لا ينعت به الرجل. اللسان (جيد).

<<  <   >  >>