للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩٧ - سألتَ عن قولِ اللهِ تبارَكَ وتعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (١). وقلتَ: قد نرى الرجلَ يدعو مُخْلِصًا ومُجْتَهِدًا فلا يُجابُ.

• والذي عندي أَنَّهُ لم يُرِدْ أنّي أُجيبُ دعوةَ كُلِّ داعٍ. ولو كان كُلُّ مَنْ دعا يُجابُ إِلى ما سأَلَ لم يَمُتْ أَحَدٌ, ولم يَهْرَمْ، ولم يَمْرَضْ, ولم يُصَبْ، وليس لهذا أُسِّسَتْ الدُّنْيا. وإنّما أرادَ أُجيبُ دُعاءَ من أَشاءُ ما جرى له القَضاءُ واعتبارُ ذلك قولُهُ: {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيهِ إِنْ شَاءَ} (٢).

والدعاءُ عندَنا على ثلاثةِ أَضْرُبٍ:

أحدُها: دعاءٌ بأمرٍ قد وقَعَ لا يَزيدُ فيه دعاؤُنا، ولا يُنْقِصُهُ كصلاتِنا على النبيين والمُرْسَلينَ والملائكةِ المُقَرَّبينَ, وقد صُلِّيَ عليهِمْ، واستغفارِنا للمؤمنينَ والمؤمنات، وقد غُفِر لَهُمْ، ولَعْنَتِنَا اليهودَ, وقد لَعَنَهُمْ، ودُعائِنا (٣) بتعذيبِ أعدائِنا، وهُوَ مُعَذِّبُهُمْ. وهذه الأشياء لا يقعُ منها شَيءٌ بدعائِنا، ولكنّا تَعَبَّدْنا بالدعاءِ بها كما تَعَبَّدْنا بالصلاةِ والصيامِ والحجّ، وأَشْباهِ ذلك.

والثاني: الدعاءُ بما يستحيلُ كدعاءِ من يدعو بألا يموتَ، وقد حَتَمَ الله


(١) الآية ١٨٦ من سورة البقرة.
(٢) سورة الأنعام الآية ٤١.
(٣) في الأصل: ودعاؤنا. وهو وهم.

<<  <   >  >>