للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٢٨ - سألتَ عن حديثٍ قيل فيه: "من حلف بغير الله أشرك" (١) وقلتَ: فَسَّرَهُ بعضُ النَّاس، فقال: هو أن يَحْلِفَ بربٍ سوى الله، فيكونَ حينئذٍ مُشْرِكًا. وهل يَلْحَقُ هذا مَنْ قالَ: وحقِّكَ لا فَعَلْتُ، وحقِّكَ لَأفْعَلَنَّ؟ .

• والذي عندي أنهُ لم يُرِدْ بقولهِ: فقد أَشْرَكَ أي كَفَرَ، وخرجَ عن الإِسلام، وإنَّما أرادَ أنَّهُ قد أشركَ بينَه وبينَ اللهِ في القَسَمِ إِذَا حلفَ بِهِ كما حَلَفَ باللهِ.

ونَحْوُهُ الحديثُ الآخَرُ الذي سألتَ عنهُ، وهو قولُهُ (٢): "قليل الرياء شرك" (٣) أراد: الرجلُ يُرائي بعملِهِ النَّاسَ ليَحْمَدُوهُ، ويثْنُوا عليه. ألا ترى أَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذلك فقد جعلَ بعضَ عملِهِ للنَّاسِ كما جعل نعمتَهُ لله. وقال اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (٤) في عبادةِ الله، فيجعلْ بعضَها ربًا له، وبعضها للهِ. وقال في قصَّةِ آدمَ، وحواءَ:


(١) رواه الترمذي رقم ١٥٣٥ في الأيمان والنذور، ورواه أيضًا أحمد في المسند ١/ ٤٧ و ٢/ ٣٤ و ٦٧ و ٨٧، والحاكم في المستدرك ١/ ١٨ و ٥٢، وقال الترمذي: هذا حَدِيث حسن.
(٢) في الأصل "قولهم". وهو وهم.
(٣) انظر مسند أحمد ٥/ ٤٢٨ و ٤٢٩، ومجمع الزوائد ١/ ١٠٢، و ١٠/ ٢٢٢ - ٢٢٤.
(٤) الآية ١١٠ من سورة الكهف.

<<  <   >  >>