للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤٨ - سألتَ عن المسافرِ يقدمُ المصرَ أيأكلُ في يومِهِ؟ وطَهُرت امرأتُهُ من المحيضِ هل يجوز له أن يجامعها؟ .

• وقد أعلمتُكَ في كتاب الصيامِ (١) أنَّ هذا لا يجوزُ له. إنْ وردَ المصرَ دخل في حكمِ أهلِه، وأنّه لا يجوزُ أيضًا لو كان مسافرًا بامرأتِهِ في شهرِ رمضانَ وأفطرا في السفر أنْ يُلمَّ بها لحرمةِ الشهر، ولأنّ حكمَ النكاح فيه خلافُ حكمِ الأكلِ والشرب، يَدلُّك على ذلك أنَّ الله تباركَ وتعالى كان حرَمَ على الصائم في صَدْر الإِسلام النِّكاحَ في شهر رمضانَ ليلَهُ ونهارَهُ، وحرمَ عليه أن يَطعَمَ وَيشْرَبَ في نهارِه، ثُمَّ كان من بعض الصحابةِ فيه ما كان، فأَنزلَ الله تباركَ وتعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} (٢).

فأحلّ الله لنا الوَطْءَ في الليل. وبَقِيَ النهارُ على حالِهِ الأوّلِ في التحريم، ووصلَ ذلك بأن قال: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} يريد ليلًا ونهارًا، فهذا يَدُلُّكَ على أنَّ حُكْمَ النِّكاحِ في الصيام خلافُ حكمِ الطعام، وأنّه


(١) وهو من كتب ابن قتيبة المفقودة، وذكره أيضًا في كتابه "الأنواء" ص ١١٨.
(٢) الآية ١٨٧ من سورة البقرة. وانظر أيضًا تفسير القرطبي ٧/ ٣١٢ - ٣١٨.

<<  <   >  >>