للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٨ - سألتَ عن قولِ اللهِ جلَّ وعزَّ: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} (١). وقلتَ: كيف تكونُ العُيونُ في غِطاءٍ عن الذِّكْر، وإنَّما تكونُ الأَسْماعُ في غِطاءٍ عن الذّكْرِ؟ .

• والذي عندي في ذلك أنه أراد عيونَ القلوبِ بذلك يَدُلُّكَ على ذلك قولُ النّاسِ: عَمِيَ قَلْبُ فلانٍ، وفُلانٌ أَعْمى القلبِ إذا كان لا يفهمُ، والله جلَّ وعزَّ يقولُ: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (٢).

يُريدُ أَنَّ عَمَى العُيونِ لا يَضُرُّ في الدين، فلما لم يكنْ ضارًا في الدِّين، ولا مانعًا من الاهتداء لم يكن أَعْمَى. ولمّا كان عَمَى القلب ضارًا في الدِّينِ مانعًا من الاهتداء كان أعمى، ولمّا جازَ أن يُقالَ: عمي قلبُهُ جاز أَن يُجعَلَ للقلب عَينٌ إذْ كانَ العَمَى في العينِ. ومثلُ هذا قولُهُ تبارك وتعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} (٣) والأَكِنَّةُ الأَغْطِيَةُ (٤).


(١) سورة الكهف الآية ١٠١.
(٢) سورة الحج الآية ٤٦ وانظر القرطبي ١٢/ ٧٧.
(٣) سورة الأنعام الآية ٢٥ أو الإِسراء الآية ٤٦.
(٤) الأكنة: الأغطية: اللسان (كنى).

<<  <   >  >>