للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٦٨ - سألتَ عن حديثِ أبي هُرَيْرَةَ (١) عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "الأَكْثَرونَ هم الأَسْفَلون يَوْمَ القِيامَةِ إلا من قال هكذا وهكذا، وحثا إلى قُدَّامِهِ عن يَمينِهِ وعن يسارِهِ. فقال رجل لأبي هُرَيْرَةَ: ووراءَهُ؟ فقال أبو هُرَيْرَةَ: لا إنّما ذلك التَّثْميرُ" (٢)؟

• والذي عندي أنه أرادَ بالتَّثْميرِ إِصْلاحَ المال، فَجَعَلَ حَثْوَهُ المالَ إلى ورائِهِ تَثْميرًا لمن يَخْلُفُ وراءَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ وعَقِبِهِ.

وكذلك قولُ اللهِ جَلَّ وعَزَّ حكايةً عَنْ إِبْليسَ: {لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} (٣) قالوا فمن أتاه من بَيْنِ يَدَيْهِ أتاه من قِبَلِ التَّكْذيبِ بما هو أَمامَهُ من البعثِ والحسابِ والجنّة، وأشباهِ ذلك، ومن أتاه من خَلْفِهِ أتاه من قِبَلِ المالِ فَخَوَّفَهُ الفَقْرَ على نَفْسِه، وعلى من يَخْلُفُ بَعْدَهُ، فلم يُؤَدِّ زَكاةً، ولم يَصِلْ رَحِمًا، ومن أتاه من قِبَلِ اليَمينِ أتاه من قِبَلِ الدِّيْنِ: فَلَبَّسَ عليه الحقَّ، ومن أتاه من قِبَلِ الشِّمالِ أتاه من قبل الشَّهَواتِ.


(١) هو أبو هريرة الدوسي، عبد الرحمن بن صخر: صحابي، كان أكثر الصحابة حفظًا للحديث ورواية له. نشأ يتيمًا ضعيفًا في الجاهلية، وقدم المدينة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، فأسلم سنة ٧ هـ. ولزم صحبة النبي، فروى عنه ٥٣٧٤ حديثًا. توفي المدينة سنة ٥٩ هـ.
(٢) رواه ابن ماجة في سننه حديث رقم ٤١٣٠ في كتاب الزهد، وإسناده صحيح، ورجاله ثقات.
(٣) الآية ١٧ من سورة الأعراف.

<<  <   >  >>