للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧١ - سألتَ عنْ قَوْلِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} (١)؟ .

° وقلتَ: فما معنى قَوْلِهِ في صفةِ النبيينَ: الذينَ أسلموا؟ وهل يجوزُ أن يكونَ نبيٌّ لم يُسْلِمْ؟ .

• والذي عندي في ذلكَ أنَّ الإسلامَ ها هنا من النبيينَ ليس هو ما ذهبتَ إليهِ من الإسْلام الذي هو ضِدُّ الكُفْر، ولا يجوزُ أن يكونَ نبي إلا مُسْلمًا مُؤْمِنًا، وإنّما أراد يَحْكمُ بها النبيونَ المسلمونَ بما في التوراةِ من أحكامِ اللهِ التاركونَ لِتَعَقُبِ ذلكَ بكَثْرَةِ السُّؤالِ عنه، فقد كانَ عُزَيرٌ - صلى الله عليه وسلم - أكْثَرَ السؤالَ عن القَدَرِ فَمُحِيَ من ديوانِ النُّبُوَةِ (٢)، وخَرَجَ يونُسُ فغاضِبًا (٣)، "ونهى رسولُ اللهِ عن كَثْرَةِ السُّؤال، وعن قيلَ وقالَ" (٤) وقال: "إنّما هَلَكَ من كانَ قَبْلَكُمْ بكثرةِ سؤالِهِمْ أنبياءَهُمْ" (٥) وقال: "لا تُمارُوا في القرآنِ فإن


(١) سورة المائدة الآية ٤٤.
(٢) المعارف لابن قتيبة ص ٥٠.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى: وذا النون إذا ذهب مغاضبًا (الأنبياء ٨٧) وانظر القرطبي ١١/ ٣٢٩.
(٤) أخرجه البخاري ١١/ ٢٦٣ في الرقاق، ومسلم رقم ١٧١٥ في الأقضية، ورواه أيضًا البخاري ١/ ٥١ في الاستقراض، و ٣/ ٢٧٠ في الزكاة، ومختصر شعب الإيمان للبيهقي ص ٩٠ والنهاية ٤/ ١٢٢، ومجمع الزوائد ١/ ١٥٧.
(٥) رواه مسلم رقم ١٣٣٧ في الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، ورقم ١٣٣٧ في الفضائل، والنسائي ٥/ ١١٠ و ١١١ في الحج، باب وجوب الحج.

<<  <   >  >>