للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَسْمًا، وكان في أُساراهُ دانيالُ وعزيرٌ. فأمَّا دانيالُ فَعَبَرَ لَهُ رُؤْياهُ ونَزلَ مَعَهُ بأَحْسَنِ مَنْزِلٍ (١)، وأمَّا عزير فإنّه أقام لهم التوراةَ بِعَينِها حينَ عادَ إلى الشَام يَعْرِفُونَها، فقالتْ طائِفَةٌ من اليهودِ: هوَ ابنُ الله، ولم يقل ذلك كُلُّ اليهودَ (٢). وهذا خصوصٌ خَرَجَ مَخْرَجَ العُموم كما قال: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} (٣) ولم يَقُلْ ذلكَ كُلُّ النّاسِ لكلّ النَّاسِ (٤). وقد انقرضَ هؤلاءِ اليهودُ الذينَ قالوا: {عُزَيرٌ ابْنُ اللَّهِ}، فلم يَبْقَ منهمْ أحَدٌ.

• وأما قَوْلُهُ في مَرْيمَ: {يَاأُخْتَ هَارُونَ} (٥)، فلم يُرِدْ أنَّها أُخْتُهُ في النَّسَب، وإِنّما أرادَ "يا شِبْهَ هارونَ، يا مِثْلَ هارونَ في الصَّلاحِ" وكان في بني إسرائيَلَ رجلٌ صالحٌ يُسَمَّى هارونَ. وقد يقولُ الرجُلُ للرَّجُلِ يا أخي لا يُريدُ بِهِ أُخُوَّة النَّسَب، وإنّما يُريدُ بِهِ الصداقةَ (٦)، أو أُخُوَّةَ الدين، قال اللهُ عزَّ وجَلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (٧). وتقول أيضًا: هذا الشَّيءُ أخو هذا إذا كان له مُشاكِلًا، ومُشْبِهًا (٨) قال الله جلَّ وعزَّ: {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} (٩) يريد من الآيَةِ التي تُشْبِهُهَا.


(١) دانيال ... الموسوعة العربية المسيرة ٧٧٩، والمعارف ص ٤٩.
(٢) عزير ... القرطبي ٨/ ١١٧، والمعارف ص ٥٠.
(٣) سورة آل عمران الآية ١٧٣.
(٤) القرطبي ٨/ ١١٧.
(٥) سورة مريم الآية ٢٨.
(٦) في الأصل: الصدقة. وهو وهم من الناسخ. وفي اللسان (أخا): "الأخ من النسب معروف وقد يكون الصديق والصاحب ويقال للأصدقاء وغير الأصدقاء أخوة وإخوان".
(٧) سورة الحجرات الآية ١٠.
(٨) انظر اللسان (أخا).
(٩) سورة الزخرف الآية ٤٨ وانظر القرطبي ١٦/ ٩٧.

<<  <   >  >>