للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩١ - سألتَ عن قَوْلِ اللهِ جلّ وعزّ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} (١) فقلتَ: الاستثناء بإنْ يَدُلُّ على الشَّكِّ، واللهُ لا يَشُكُّ، ولتَدْخُلُنَّ تحقيقٌ، فكيفَ يدخلُ شَكٌّ بَعْدَ تحقيقٍ؟ .

• والذي عندي في ذلك أنّ "إنْ" تُقامُ في كثيرٍ من المواضِعِ مُقامَ "إذْ" كقولهِ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٢). وكقولهِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٣). يريد إذْ كنتم مؤمنينَ فكأنَّهُ قال جلَّ وعزّ: لتدخلنّ المسجد الحرام إذا شاءَ الله دُخُولَكُمْ إياه آمنين (٤). ومِثْلُهُ قَوْلُ رسولِ اللهِ في أهلِ القُبورِ: "إنّا إنْ شاءَ الله بكمْ لاحقونَ" (٥) لا يجوز أن يكونَ قَدْ شَكَّ في لُحوقِهِ بِهِمْ، وإِنّما أرادَ نحن إذْ شاءَ الله بكمْ لاحقونَ (٦).


(١) سورة الفتح الآية ٢٧.
(٢) سورة آل عمران الآية ١٣٩. وفي الأصل خلط بين هذه الآية من سورة آل عمران وبين الآية ٣٥ من سورة محمد بهذا الشكل: "ولا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"، بينما الآية ٣٥ من سورة محمد بهذا الشكل (ولا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم) ولا شاهد في هذه الآية على النص. وإنما الشاهد من سورة آل عمران الآية ١٣٩ كما أثبتناها.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٨. وانظر القرطبي ٣/ ٣٦٣.
(٤) انظر المغني ١/ ٣٩ وانظر القرطبي ٣/ ٣٦٣.
(٥) انظر صحيح مسلم رقم ٩٧٤ في الجنائز، والنسائي ٤/ ٩١ والموطأ ١/ ٢٤٢ وفي اللسان (لحق): "وفي دعاء زيارة القبور: إن إن شاء الله بكم لاحقون. قيل: معناه إذ شاء". وانظر المغني ١/ ٣٩.
(٦) انظر المغني ص ٣٩.

<<  <   >  >>