للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩٤ - سألتَ عن قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {آللَّهُ خَيرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} (١)، وقَوْلِهِ في الجنَّةِ: {أَذَلِكَ خَيرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} (٢)، وقولِهِ بعدَ ذكرِ جهنمَ: {أَذَلِكَ خَيرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} (٣)، وقلتَ: كيف يَجْمَعُ بَينَ شيئينِ مُتَضادَّينِ أَحَدُهُما خَيرٌ، والآخَرُ لا خيرَ فيه، فيُقالُ: أهذا خيرٌ أم هذا؟ وهل يجوز أن يقال: هذا الثَّلْجُ أَبْرَدُ من النَّار، وهذا المِدَادُ أَسْوَدُ من الجِصِّ؟ .

• وهذا الذي مَثَّلْتَ به لا يُشْبِهُ ذاكَ لأَنَّ مَخْرَجَ قولِكَ مَخْرَجُ الخَبَر، فيستحيلُ الكلامُ لا تكونُ فيه فائدةٌ لأنَّ النّاسَ جميعًا يعلمونَ أنّ الثَّلْجَ لا حرَّ فيه، وأنّ النّارَ لا بَرْدَ فيها، وإنما يجوز في الخَبَر أن يَجْمَعَ بينَ شَيئَينِ متقاربين، أو شَيئَينِ متجانسين، فتقولُ: هذا الرُّمانُ أشَدُّ حُمْرَةً من (٤) ... ، وهذا الشرابُ أشدُّ حُمْرَةً من النَّار، وهذا الثوبُ أَشَدُّ بياضًا من الثَّلْج.

وقد يأتي من هذا شَيءٌ يُرادُ بِهِ بُلوغُ الغايَة، فيُقالُ: أبعدُ من النَّجْمِ (٥)،


(١) سورة النمل الآية ٥٩.
(٢) سورة الصافات الآية ٦٢.
(٣) سورة الفرقان الآية ١٥.
(٤) كلمة مطموسة لعلها التفاح.
(٥) انظر مجمع الأمثال ١/ ١١٥، والدرة الفاخرة ١/ ٧٦، وجمهرة الأمثال ١/ ٢٣٨، والمستقصى ١/ ٢٤، وثمار القلوب ٦٥٣.

<<  <   >  >>