للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥٤ - سألتَ عن حديثِ سهلِ بنِ سَعْدٍ (١): "أَحْصَنْت كذا من النساء، ما تزوجتُ امرأةً كانت فقيرةً إلا اسْتَغْنَتْ، ولقد رَأَيتُ امرأة مُتَجالَّةً، فقالت: كيف أنت يا أبا العَبّاسِ؟ قال: قلت: ومن أنتِ؟ قالت: أنا أحدُ أَنْقاضِكَ" (٢).

• الأنْقاضُ: جمعُ نِقضٍ، وهو البَعيرُ المهزولُ (٣). والمتجالَّةُ: العظيمةُ اللحيمةُ وتكون أيضًا الغَنِيَّةُ الموسِرَةُ (٤)، وهذه امرأةٌ كانت تحتَهُ نَكَحَها، وهي فقيرةٌ، ثم طَلَّقَها، واستغنتْ، وعَظُمتْ، فَلَمَّا رآها لم يَعْرِفْها لتَغَيُّرِ حالِها عما كانتْ عليهِ عِنْدَهُ فقال لها: من أنتِ؟ فقالتْ: أنا أَحَدُ أنقاضِكَ، أي أحدُ الأنقاض، وهي المهازيلُ التي تَتَزَوَّجُهُنَّ. ضَرَبَتْ الهزالَ للفقرِ مثلًا، ثم يَسْتَغْنِينَ. وقد يجوز أن يجعل الأنقاضَ ها هنا المطلقات، لأِنَّهُ قد نَقَضَ الطلاقُ ما بينَهُ وبينَهُنَّ، وكأنّها قالت: أنا إحدى مُطَلَّقاتِكَ، والتفسيرُ الأَوَّلُ أَشْبَهُ عندي بما أُريدَ في الحديثِ لقولهِ: "ما تَزَوَّجْتُ فقيرةً إلّا استغنتْ ولقد رَأيتُ امرأةً مُتَجالّةً" يَدُلُّ هذا القولُ على أَنّها أرادت أنا إحدى الفقيرات (٥) اللواتي كنت تنكحهن، فيستغنين.


(١) هو سهل بن سعد الخزرجي الأنصاري، من بني ساعدة: صحابيّ. من مشاهيرهم. من أهل المدينة. عاش نحو مئة سنة.
له في كتب الحديث ١٨٨ حديثًا. توفي سنة ٩١ هـ.
السير ٣/ ٤٢٢، والأعلام ٣/ ١٤٣.
(٢) السير ٣/ ٤٢٣.
(٣) النِّقص: المهزول من الإبل والخيل. اللسان (نقض).
(٤) جلّت فهي جليلة أي عظيمة وتجالت فهي متجالة، وتجالّ عن ذلك تعاظم اللسان (جلل).
ولم نجد من معاني المتجالة: اللحيحة والغنيّة الموسرة في كتب اللغة.
(٥) في الأصل: "أحد الفقراء". والصواب ما أثبتناه.

<<  <   >  >>