للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ (١) فِيمَا آتَاهُمَا} (٢) وإنّما جَعَلا له الشُّرَكاءَ بالتسمية، لا بالنِّيَّةِ والعقدِ (٣)، إذ سَمَّيَاهُ عبدَ الحارث. فأمّا مَنْ قَالَ: وحقِّكَ، وعيشِكَ، وحياتِكَ، وجَدِّكَ، فليس من هذا في شيءٍ؛ لأَنَّهُ من اللَّغْوِ الذي يَسْتَعْمِلُهُ النَّاسُ في ألفاظِهِمْ، وَلَا يَتَعَمَّدُونَهُ، وَلَا يَنْوونَ البِرَّ فيه، وإنّما الشِّرْكُ في اليمينِ أن تقصدَ الشَّيْءَ بعينِه، فَتَحْلِفَ بِهِ مُتَعَمِّدًا له، وتنوي البِرَّ في ذلك والوَفاءَ كما يفعلُ الحالِفونَ باللهِ. وإذا كان اللَّغْوُ في الحَلْفِ باللهِ غَيْرَ مُؤَاخَذٍ بِهِ كان في الحَلْفِ بغيرِهِ أحرى ألَّا يُؤَاخِذَهُ بِهِ.

وقد رُوِيَ في بعضِ الحديثِ أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ للهجنّع (٤): "وأبيكَ إنَّ هذا هو الجُوع" على ما يَسْتَعْمِلُ النَّاسُ بغيرِ قَصْدٍ إِلَى القَسَمِ كما كان يُقالُ له بأبي أنت، وأمي يُرادُ "أفديك بأبي وأمي" والقائلُ يَعْلَمُ أنَّ هذا لا يكونُ، وكذلك السَّامِعُ.


(١) في الأصل شِرْكًا. وهو خطأ والصواب شركاء. انظر الآية ١٩٠ من سورة الأعراف.
(٢) الآية ١٩٠ من سورة الأعراف.
(٣) هكذا في الأصل (العقد) ولعلَّ الصواب القصد.
(٤) الهجنّع بن قيس، أورده أَبُو بكر بن أَبِي علي في الصحابة، وهو يروي عن علي مرسلًا، وعن إبْرَاهِيم النخعي. وقد تصحف في المخطوطة إِلَى (هجيَّع) بالياء المئناة، وما أثبتناه عن أسد الغابة ٥/ ٣٨٨ والإِصابة (ترجمة رقم) ٩٠٦٧، والجرح والتعديل لابن أَبِي حاتم ٤/ ٢/ ١٢٢، وتاج العروس للزبيدي (هجنع).

<<  <   >  >>