للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَثِيرٌ لا يَخْفَى إِنْ شَاءَ الله على هذا الرجلِ إنْ كان في المَعْرِفَةِ على ما ذكرتَ.

كذلكَ التَّحِيَّةُ أصْلُها التَّسْليمُ، ثُمَّ تُسْتَعادُ فَتُوضَعُ مَوْضِعَ المُلْك، لأَنَّ التَّحِيَّةَ في الأصْلِ كانتْ لِلْمُلُوكِ إذا دُخِلَ عَلَيهِمْ، ولا تكونُ تلك التحيَّةُ لغيرِهِمْ وهي قولُهُمْ: أَبَيتَ اللعنَ (١). وكانت العربُ تقولُ: لَبِثَ فلانٌ المَلِكُ في تَحِيَّتِهِ خمسينَ عامًا أربعينَ وثلاثينَ، يُريدونَ في مُلْكِهِ الذي يُحَيَّى فيهِ بِتَحِيَّةِ المَلِكِ.

وقالَ عمرُو بن مَعْدِي كَرْبٍ (٢):

أُسَيِّرُهَا إلى النُّعْمانِ حَتّى ... أُنيخَ على تَحِيَّتِهِ بِجُنْدِي (٣)

يُريدُ على مُلْكِه، ولا يَجوزُ أَنْ يَكونَ أُنيخَ على سَلَامَتِهِ أو تَسْلَيمِه، وكذلك قولُ زُهَيرِ بنِ جَنابٍ (٤):

مِنْ كُلِّ ما نالَ الفَتَى ... قَدْ نِلتُهُ إِلّا التَّحِيَّهْ (٥)

يُريد مِن كلِّ ما نالَهُ الكاملُ في الشَّرَفِ من الرجالِ قد نِلتُهُ إلّا أَنِّي لم أَصِرْ مَلِكًا أُحَيَّى بتحيّة الملوك، وليس الفتى في هذا المَوْضِعِ بمعنى الشَّابّ، والحَدَثِ


= أيضًا سماء لأنه يكون عن السماء الذي هو المطر كما سموا به النبات ندى لأنه يكون عن الندى الذي هو المطر". وانظر اللسان (ندي).
(١) في اللسان (لعن): "أبيت اللعن: كلمة كانت العرب تحيي بها ملوكها في الجاهلية. تقول للملك: أبيت اللعن؛ معناه أبيت أيها الملك أن تأتي ما تُلعَن عليه".
(٢) هو عمرو بن معدي كرب بن ربيعة بن عبد الله الزبيدي: فارس اليمن، وفد على المدينة سنة ٩ هـ، في عشرة من بني زبيد، فأسلم وأسلموا، وعادوا. ولما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - ارتد عمرو في اليمن. ثم رجع إلى دين الإِسلام. شهد اليرموك والقادسية يكنى أبا ثور. توفي على مقربة من الريّ سنة ٢١ هـ. الإِصابة (ترجمة رقم) ٥٩٧٢.
(٣) البيت لعمرو بن معدي كرب كما في شعره (طبع دمشق) ص ٩٥، وانظر تخريج البيت فيه ص ٩٥ وص ٢٢٩.
(٤) تقدمت ترجمته. انظر ص ١٩٠.
(٥) تقدم البيت انظر ص ١٩٠.

<<  <   >  >>