للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا وما أَشْبَهَهُ من الكلام، فقالَ أَبُو بَكْرٍ يا رسولَ اللهِ هَلْ أَصَبْتُ؟ قال: أَصَبْتَ، وأَخْطَأْتَ قال: أقسَمت يا رسول الله لتُخْبِرَنِّي قال: "لا تُقْسِمْ"، ولم يُخْبِرْهُ" (١).

• والذي عندي في قولِهِ أَصَبْتَ، وأَخْطَأْتَ أنه أراد أصبت تَأْوِيلَ الرُّؤْيا، وأَخْطَأْتَ في بِدارِكَ (٢) إلى عِبارَتِها، وقد سُئِلْتُ عنها أنا، فإنّي كنتُ أَوْلَى بِذلكَ مِنْكَ، وقالَ اللهُ جَلَّ وعَزَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (٣).

يريد أَلَّا تَقُولُوا قبلَ أنْ يقولَ رسولُ الله، ولا تُجيبُوا إذا سُئِلَ، ولا تَجْهَروا له بالقَوْلِ كجَهْرِ بعضِكُمْ لبَعْضٍ أنْ تقولوا: يا محمدُ، ولكنْ قولوا يا نبيَّ اللهِ ويا رسولَ الله، وأشباهَ (٤) ذلكَ.

يُقالُ: فلانٌ يُقَدِّمُ القولَ بينَ يَدَي أبيه، وبينَ يَدَي السُّلْطانِ إذا قال قبلَ أَنْ يقولَ (٥)، وليسَ يَجوزُ أنْ يكونَ الخَطَأُ في تأويلِ الرُّؤْيا، والإِصابةُ فيه؛ لأنّ التأويلَ وَقَعَ مُوافِقًا للحالِ التي كانَ عليها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، والثلاثةُ الخلفاءِ بَعْدَهُ.


(١) رواه البخاري ٢/ ٣٧٩ - ٣٨٠ - ٣٨١ في التعبير، ومسلم رقم ٢٢٦٩ في الرؤيا، والترمذي رقم ٢٢٩٤ في الرؤيا، وأبو داود رقم ٤٦٣٢ في السنة، وابن ماجة ٣٩١٨ في الرؤيا، والدارمي في سننه ٢/ ١٢٨ و ١٢٩ في الرؤيا، وأحمد في المسند ١/ ٢٣٦.
(٢) بدرت إلى الشيء: أسرعت. وكذلك بادرت إليه بدارًا ومبادرة: عاجلت.
(٣) الآية ١ من سورة الحجرات.
(٤) انظر تفسير القرطبي ١٦/ ٣١٠، وأسباب النزول للواحدي ص ٤٠٨.
(٥) في اللسان (قدم): وقدّم بين يديه أي تقدّم، وقوله عزّ وجلّ: لا تقدموا بين يدي الله ورسوله؛ أي لا تقدّموا كلامًا قبل كلامٍ.

<<  <   >  >>