للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواضِحَ؟ . فإنْ أحْبَبْتَ أن تَعْرِفَ المتشابِهَ، وكيف يكون علمُ الراسخينَ له؟ وهل يَجْتَمعُ ذلك كُلُّهُ عند الواحِدِ مِنهُمْ، أوْ يكون متفرقًا؟ قلنا: قد يَحْتَمِلُ أن يكونَ ذلك مُجْتَمِعًا عندَ مَنْ دعا له رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ويكونَ متفرقًا عندَ العلماء، فهذا يَعْرِف منه بعضًا (*) وَيذْهب عليه بعضٌ، وهو عند غيرِهِ قد يجوزُ أن يكونَ مِنْهُ شَيءُ يَعْلَمهُ رسولَ اللهِ وَحْدَهُ؛ لأنّهُ صلّى اللهُ عليهِ أرسخ الراسخينَ في العِلْمِ.

مِنْ ذلك قولُ اللهِ: {وَاللَّيلِ إِذَا عَسْعَسَ} (١) يحتمل أن يكونَ أراد إقبالَ ظلامِهِ في أوَّلِهِ وأن يكونَ أراد إدبارَ ظلامِهِ في آخِرِهِ. ولا يُعْلَمُ مُرادُ اللهِ ولا أيَّ الوَقْتَينِ أقسمَ بِهِ. ورسولُ اللهِ يَعْلَمُ ذلك، ومَنْ أعْلَمَهُ إيّاهُ (٢).

وكذلك القَرْءُ في كلام العَرَب يكونُ الطُّهْرَ ويكونُ الْحَيضَ (٣)، وإنما يُعْرَفُ مُرادُ اللهِ بِتَوْقيفٍ رسولُ الَلهِ - صلى الله عليه وسلم -.

وكذلك الحروفُ المُقَطَّعَةُ قد اخْتُلِفَ في تَفْسيرِها، وهي أوْلى الكتابِ بالإِشْكالِ والتشابُه، ولم نَرَهُمْ أمْسَكُوا عن التأويلِ لها، ولا ابنَ عبّاسٍ القارِيءَ بذلك الوَجْهِ إن كان صحيحًا. وقال في تفسير الرحمن: الرحمن (٤) ... أخَذَهُ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ. ولكُلِّ فيما فَسَّرَ مَذْهَبٌ تَحْتَمِلُهُ الحُروفُ، ولم يَخْرُجِ الحَقُّ منها إن شاءَ اللهُ.


(١) سورة التكوير الآية ١٧.
(٢) انظر القرطبي ١٩/ ٢٣٨.
(٣) القرء: في اللسان (قرأ): "القَرْءُ والقُرْءُ: الحيض والطُّهر ضدّ". انظر ص ٥٤ من هذا الكتاب.
(٤) في الكلام سقط لأنه لم يذكر تفسير الرحمن.
(*) في الأصل: "يُعْرَفُ منه بعضٌ"، وهو خطأ.

<<  <   >  >>