للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دنانيرُ حُرْشٌ (١). ومنها قولُهُمْ: لا نَيَّحَ اللهُ عِظَامَهُ (٢). ومنها قولُهُمْ: قد تَحَذْلَقَ فلانٌ (٣)؟ .

• أما قولُهُمْ: غلامٌ خُماسِيٌّ، ولم يقولوا: سُداسيٌّ، ولا سُباعيّ؛ فَلِأنَّ الغلامَ إذا يَفَعَ خمسةَ أشْبارٍ، وذلك ذِراعانِ ونِصْفٌ، صار رَجُلًا في سِتَّةِ أشْبارٍ، وخَرَجَ عَنْ حَدِّ الطُّفُولَة، وهذا على الأشْهَرِ والأكْثَرِ في النّاس، وقد يَشُدُّ من هذا شَيءٌ على قَدْرِ طُولِ الغُلام، وقِصَرِه، فلا يكونُ الشُّذُوذُ حُجَّةَّ على الأكْثَرِ (٤).

• وأما قَوْلُهُمْ: فلانٌ حَمِيُّ الأنْفِ، واخْتِصاصهُم الأنْفَ دونَ غَيرِه، وأنَّ العرب كانت تَعُدُ مسَّ الأنْفِ ذلًّا فقيل: فلانٌ حَمِيُّ الأنْف، وحَمِيُّ المِعْطَسِ كأنَّهُ حماهُ مِنْ أنْ يُمَسَّ.

• وأما قولهم: أعتق فلانٌ رَقَبَةً، ولم يقولوا: أعتقَ فلانٌ العُنُقَ، وقد يكون للرقَبَةِ وغيرِها، وهو مُقَدَّمُ الشَّيْءِ وأعلاهُ. فلو قال قائل: أعتق عُنُقًا، وعليه عُنُقٌ كما قالوا رَقَبَةً احتملَ التأويلات، وكانت الرقبةُ أوْلى؛ لِأنَّها لا تَحْتَمِلُ إلا مَعْنَىً واحِدًا (٥) تقولُ: بدا عُنُقُ الجَبَلِ (٦)، وخَرَجَ عُنُقٌ مِن النَّارِ (٧) وأتاة عُنُقٌ مِن النَّاسِ (٨) ولا يُقالُ في شَيءٍ من هذا رَقَبَةٌ.


(١) دنانير حُرْش: جمع أحرش. والأحرش من الدنانير ما فيه خشونة لجدّته والضب أحرش: خشن الجلد كأنه محزّز.
(٢) لا نَيَّحَ الله عظامه: أي لا صلّبها ولا شد منها. وإنه لعظم نيِّحٌ: شديد. اللسان (نيح).
(٣) تحذلق في كلامه: تظرّف وتكيّس.
(٤) انظر الحاشية (١) في الصفحة السابقة.
(٥) انظر اللسان والتاج (رقب).
(٦) في الأصل: الخيل. ولعلها الجبل كما أثبتناها، وعنق الجبل ما أشرف منه اللسان (عنق).
(٧) عنق من النار: أي قطعة من النار. اللسان (عنق).
(٨) عنق من الناس: جماعات منهم. اللسان (عنق).

<<  <   >  >>