للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم فوقَ الهجمةِ هُنَيدَةُ (١). ولو كان الذودُ واحدًا من الإبِلِ ما جاز أن يُقالَ: خمسُ ذَوْدٍ، ولكان الوجهُ أَن يُقالَ: خمسُ أَذْوادٍ كما يُقالُ: خَمْسَةُ أَبوابٍ، ولا يجوزُ أن يُقالَ: خمسةُ ثوبٍ، ويَدُلُّ أَيضًا حديثُ أبي موسى (٢) في إِتْيانِهِ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -[بِنَهْبٍ] (٣) يَسْتَحْمِلُهُ قال: "فأُتِيَ بذودٍ غُرِّ الذُّرَى، وطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيهِ" (٤) ومما يُشْبِهُ هذا قولُهُمْ: ثلاثةُ رَهْطٍ، وخمسةُ رَهْطٍ. والرَّهْطُ في النّاسِ ما بينَ الثلاثَةِ إلى العَشَرَةِ مثلُ الذَّوْدِ في الإبِل، وهو جميعٌ لا واحدَ له من لَفْظِه، وكان الأصلُ أَن يُقالَ: خَمْسٌ من ذودٍ، وخَمْسَةٌ من رَهْطٍ فَحُذِفَتْ مِنْ، وأُضِيفَ خَمْسٌ إِلى الذود، وخمسةٌ إلى الرَّهْطِ (٥).

وأمّا البيتُ الذي استشهده لِمَنْ ادَّعى أنَّ الذودَ واحدٌ فلستُ اعرِفُهُ إن كان محفوظًا مَرْوَيًا على ما ذَكَرْتُ، فقد يجوزُ أن يكونَ قولُهُ: فإنَّ عُدَّتَها ذَوْدٌ وسبعونَ؛

يَعْنِي فإن عُدَّتَها ثلاثٌ وسبعونَ، أو خمسٌ وسبعونَ؛ لأنّ الذودَ على ما أعلمتُكَ واقعٌ على الثلاث، وما فوقُ إلى العشر، وكأنّ الشاعرَ لم يَعْرِفْ مِقْدارَ زيادَتِها على السبعينَ، فقالَ: ذودٌ وسبعونَ كما يُقالُ: نيّفٌ وسبعونَ.


(١) هنيدة: اسم للمئة من الإبل خاصة اللسان (هند).
(٢) هو أبو موسى الأشعري، عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب، من بني الأشعر من قحطان: صحابي، من الشجعان الولاة الفاتحين، وأحد الحكمين اللذين رضي بهما عليّ ومعاوية بعد حرب صفين ولد في زبيد (باليمن) وقدم مكة عند ظهور الإسلام، فأسلم. توفي سنة ٤٤ هـ بالكوفة.
(٣) زيادة من النهاية ٢/ ١٥٩ لا بد منها لاستقامة الكلام.
(٤) الفائق ٢/ ١٢٠، والنهاية ٢/ ٣٠٩.
وغر الذرا: بيض الأسنمة سمانها. يزدلفن إليه: يقربن منه. والذرا: جمع ذروة وهي أعلى سنام البعير، وانظر اللسان والتاج (نهب وزلف وذرا).
(٥) انظر اللسان (رهط).

<<  <   >  >>