للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيان قوة إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- وأنه لم تأخذه في الله لومة لائم، لأن رجلًا يخاطب أباه وقومه بهذه العبارة قوي في ذات الله -عزَّ وجلَّ-، إذ إن العادة أن الإنسان يحابي أباه وقومه، لكن إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- لم يحابهم، بل أنكر عليهم، وقال: {مَاذَا تَعْبُدُونَ}.

٧ - ومن فوائدها: أن قرب النسب من أهل الخير لا يفيد الإنسان شيئًا، فإبراهيم بالنسبة لأبيه أقرب شيء لأنه بضعة منه، ومع ذلك لم ينتفع به أبوه، بل كان مشركًا، يحاج ولده على ذلك، ويؤيد هذا قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [لقمان: ١٤، ١٥] فهذا يدل على تباين ما بين الابن والأبوين، حتى إنهما ليجاهدانه على الإشراك بالله، ومع ذلك قال الله تعالى: {عِلْمٌ فَلَا}.

٨ - ومن فوائدها: صحة نسبة القوم إلى الرسول وإن كذبوه، لقوله: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ} والانتساب بالنسب لا يعني التبرؤ من الدين فيصح أن ينتسب الإنسان إلى أبيه الكافر، ولا يقال: إن هذا من باب الموالاة، بل هذا من باب الحقيقة، والنسب لا يزول باختلاف الدين أبدًا، وانظر إلى قوله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ} [الأنعام: ٦٦] فأضافهم إليه مع نسبة تكذيبه إليهم، وهذا يدل على أن الإنسان قد يكون من قوم كافرين وينسب إليهم، وأن ذلك لا يخدش في دينه.

٩ - ومن فوائدها: سفه هؤلاء القوم حيث كانوا يعبدون مع

<<  <   >  >>