للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤)} [فاطر: ٢٤] أي ما من أمة من الأمم إلا جاءها رسول تقوم به عليها الحجة، كما قال تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥].

٥ - ومن فوائد الآيات: أن مقام النبوة لا يمنع من فعل بعض ما لا يكون محبوبًا إلى الله، أي أن الرسول قد يفعل بعض المعاصي، أو يقوم بشيء لم يؤمر به، دليل ذلك قوله: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠)} والإيباق هرب العبد من سيده، والعبد إذا أبق من سيده فقد هرب منه تمردًا عليه، ولكن لا شك أن هذا الوصف إنما ينطبق على العبد المملوك للبشر لا على يونس -عليه الصلاة والسلام-، لكن الله عبر عن خروجه بالإيباق؛ لأنه خروج لم يؤمر به، وهذه المسألة أعني مسألة عصمة الرسل -عليهم الصلاة والسلام- محل خلاف طويل عريض بين العلماء -وقد سبق لنا في غير هذه الموضع بيان ذلك على وجه التفصيل- فذكرنا أنهم معصومون من كل ما يخدش الرسالة وينافي الرسالة مثل: الكذب والخيانة والشرك وما أشبه هذا، فهذا معصومون منه قطعًا؛ لأنهم إنما جاءوا لهدم الشرك، ولا يمكن أن يصدر منهم الكذب والخيانة، لأن هذا يؤدي إلى الشك فيما جاءوا به.

وثانيًا: هم معصومون أيضًا من كل ما يخل بالشرف، كالسرقة وشبهها مما يعد دناءة وخسة، وذلك لأن النبوة أعلى مقامات البشر، فلا ينبغي أن يتخلق من اتصفوا بها بأرذل أخلاق البشر.

ثالثًا: أنهم معصومون من الاستمرار في المعصية، ولا

<<  <   >  >>