للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمكن أن يقروا عليها، بل لابد أن ينبهوا عليها ويحصل منهم التوبة بخلاف غيرهم من الناس فإنهم قد يفعلون المعصية، ويقرون عليها ولا يوفقون للتوبة منها.

وأما القول بأنه لا ذنوب لهم مطلقًا، فهذا قول يخالف الكتاب والسنة، فإن الله تعالى قال في كتابه لأشرف الرسل -عليه الصلاة والسلام-: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: ١٩] وقال له: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢)} [الفتح: ١ - ٢] وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، علانيته وسره، وأوله وآخره" (١)، "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت" (٢) وكل هذا صريح في أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد يقع منه الذنب، ولكن الشأن كل الشأن أنه لا يقر عليه.

٦ - ومن فوائدها: أن الله -سبحانه وتعالى- قد ييسر للعبد ما لا يكون له في الحسبان، وذلك من قوله: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠)} حيث قدر له أن يركب هذا الفلك المملوء من أجل الغاية التي أرادها الله، وهي أن يلتقمه الحوت ويغيبه ويضيق عليه حتىِ يتبين له أنه لا مفر من قدر الله، كما قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧)} [الأنبياء: ٨٧]


(١) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود (٤٨٣).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت" (رقم ٦٣٩٨)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء ... باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل (رقم ٢٧١٩) (٧٠).

<<  <   >  >>