للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ - ومن فوائدها: جواز المساهمة يعني: القرعة لقوله: {فَسَاهَمَ} فإن قال قائل: هذا من شرع من قبلنا، فالجواب: أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه، فكيف وقد ورد شرعنا بوفاقه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيهما خرج سهمها خرج بها (١)، إذًا: يستفاد منه جواز المساهمة يعني: القرعة.

فإن قال قائل: المساهمة فيها خطر فهي ميسر، لأن الإنسان قد يكون غانمًا وقد يكون غارمًا.

فالجواب على ذلك من أحد وجهين:

الأول: المنع بأن نقول إن الإنسان لا يمكن في القرعة أن يكون غانمًا أو غارمًا، بل هو إما غانم وإما سالم، إما أن يغرم شيئًا فلا.

الثاني: التسليم بأنها فيها غرر، لكن الضرورة دعت إليها، إذ لا يمكن التوصل إلى التمييز بين المشتركين في حق من الحقوق إلا بالقرعة، ولذلك إذا أمكن التمييز بينهما بغير القرعة فإنه يجب التمييز بينهما بدون القرعة. فمثلًا أقرع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين زوجاته إذا أراد السفر لأنه لا يمكن أن يذهب بهن جميعًا، لأنه لو أمكن لذهب بهن جميعًا، إذًا لابد أن نميز من الذي يستحق أن يخرج، فهنَّ متساويات في الحقوق، ولا سبيل إلى التعيين إلا بالقرعة، فإذا خرجت القرعة لواحدة فالباقيات لم يغرمن شيئًا، غاية ما


(١) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد، باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه (٢٨٧٩) ومسلم، كتاب التوبة، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف (٢٧٧٠).

<<  <   >  >>