للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هنالك أنه فإتهنَّ ما يرغبن فقط، ولهذا إذا خرجت القرعة عن هذا إلى الميسر صارت حرامًا. مثال ذلك: أراد اثنان مشتركان في قمح أن يقتسما القمح بينهما وهما شريكان بقدر النصف كل واحد له نصف، فقسم القمح أثلاثًا، أي: جعل ثلثان في جهة وثلث في جهة أخرى، وأرادوا القرعة أيهما يأخذ الثلثين فالقرعة هنا حرام؛ لأن أحدهما إما غانم وإما غارم، إما أن يأتيه أكثر من حقه، وإما أن ينقص حقه، فهذه تكون حرامًا؛ لأنها صارت ميسرًا، وإذا قسمنا القمح نصفين، وأردنا أن نميز كل واحد في حقه فما هو الطريق إذا لم يتنازل أحدهما للآخر ويخيره؟ فلا طريق لنا إلى التمييز بينهما إلا بالقرعة.

وهل ذكرت القرعة في القرآن في غير هذا الموضع؟ نعم في سورة آل عمران، {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤)} [آل عمران: ٤٤].

٨ - من فوائد الآية الكريمة: أنه ليس للمساهمة طريق معين فيسلك فيها ما يحصل به التميز: إما بكتب رقاع، أو بأحجار، أو بلفائف خرق أو بأي طريق، لأن المساهمة وردت في النصوص، ولم تعين طريقًا خاصًّا لها، فأي طريق توصلنا به إليها جاز.

٩ - من فوائدها: ارتكاب أدنى الضررين؛ لدفع أعلاهما، ووجه ذلك: أن هذه القرعة سيكون فيها هلاك بعض الركاب وهو أهون من هلاك الجميع، إذًا فالواجب إذا كان لابد من الضررين ارتكاب الأدنى، لأن ارتكاب الأدنى يسقط عنا ارتكاب المفسدة الزائدة، واجتناب المفسدة الزائدة واجب، ولهذا نقول: يجب

<<  <   >  >>