للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما من خارجها تنبري لهم بين العين والآخر أمم عارضة وغامضة أطلقوا عليهم اسم الوثنيين تارة. . . وأتباع المسيح الدجال تارة أخرى) (١).

الشق الثاني:

أما الشق الثاني من تلك الحركة الفكرية التي تمخضت عن احتكاك الغرب بالإسلام (فإنها تشبه إلى حد ما الحركة التي قامت في العالم الإسلامي في عهد المأمون ومن سبقه لترجمة العلوم اليونانية وغيرها إلى العربية، فقد أدى هذا الاحتكاك إلى توافر عدد من العلماء النصارى في أوروبا بدءًا من العام (١١٣٠ م) للعمل بدأب على ترجمة الكتب العربية في الفلسفة والعلوم، وكان لرئيس أساقفة طليطلة وغيره الفضل في إخراج ترجمات مبكرة لبعض الكتب العلمية العربية بعد الاقتناع بأن العرب يملكون مفاتيح قدر عظيم من تراث العالم الكلاسيكي) (٢).

وإذا كانت الحركة التي قامت في عهد المأمون خدمت الحياة الإنسانية وأسهمت في بناء الحضارة ونشر العلم والرقي الثقافي لدى الشعب فإنها -من جانب آخر- قد خلطت إلى حد ما بين الفلسفة اليونانية والعلوم مما كان له آثار سلبية على عقيدة المسلمين وفكرهم، وقد تولت الدراسات المتخصصة في هذا الجانب نقد تلك الآثار وبيان وجه الصواب فيها.

أما حركة الترجمة والنقل إلى اللاتينية التي قام بها الغربيون فقد حرصت على أن تحافظ في مجملها على الشخصية الغربية من أن تذوب في حضارة المسلمين، وحرصت على فصل العقيدة عن العلوم التطبيقية،


(١) انظر: إسماعيل أحمد عمايرة: المستشرقون وتاريخ صلتهم بالعربية، المنهل ص: (٨٣)، المرجع السابق نفسه.
(٢) انظر: محمود حمدي زقزوق: الاستشراق ص: (٢٤)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>