للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تكتف بترك ما له صلة بالعقيدة الإسلامية وعزله عن تلك الحركة الفكرية، بل بادرت في أول أمرها إلى تشويهه بدعوى تحصين الغربيين من التأثر به، كما سبق بيان ذلك- وأما العلوم التطبيقية فإن الغرب نقل عن المسلمين هذه العلوم والمعارف من طب وذلك ونحوهما، ويقرر كثير من المستشرقين أن أوروبا قد توجهت في ذلك العصر شطر المسلمين الذين كانوا أئمة العلم وحدهم للاغتراف من بحار علومهم وفنونهم (١).

وقد اعترف المستشرق الفرنسي (لوبون) بالفرق الهائل بين حضارة المسلمين وهمجية الغرب الأوروبي في القرون الوسطى، ويعترف أيضًا بأن أوروبا الغربية لكي ترفع عن نفسها أكفان الجهل الثقيل توجهت شطر المسلمين في الأندلس وصقلية - وتوافد إليهما الدارسون من الأقطار المجاورة لهما؛ إيطاليا. . . فرنسا. . . إنجلترا. . . ألمانيا، واصطبغ بلاط صقلية النورمندي بصبغة عربية، وشاركت في عهدها الإسلامي إسبانيا في تلقي الوافدين الأوروبيين لدراسة علوم العربية وحضارة الإسلام (٢).

ومما يلحظه الباحثون في مسار هذه الحركة التي تولت نقل العلوم إلى الغرب ما يأتي:

أ - لم ينصف هؤلاء الناقلون المسلمين فيما نقلوه عنهم، بل إن نقولهم لم تتصف بالموضوعية والعلمية - فروجر بيكون (٦١١ - ٦٩٣ هـ/ ١٢١٤ - ١٢٩٤ م) الإنجليزي الذي تلقى تعليمه في أكسفورد وباريس، ونال


(١) انظر: حسين نصار: الاستشراق بين المصطلح والمفهوم (المنهل، العدد السنوي المتخصص لعام: (١٤٠٩ هـ)، عن الاستشراق والمستشرقين ص: (١٣)، المرجع السابق نفسه، وانظر: أحمد سمايلوفتش: فلسفة الاستشراق ص: (٧٢ - ٧٣)، مرجع سابق.
(٢) انظر: المرجع السابق نفسه: ص (١٣)، وانظر: محمد بركات البيلي: الخلفية التاريخية للاستشراق. . . (المنهل) ص: (١٣٥)، المرجع السابق نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>