للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درجت في مراقي التقدم الحضاري ثقافة وصناعة) (١).

وهذا التميُّز لا يزال متمثلًا في الأمَّة الإسلاميَّة، وينبغي أن يستمر، قال اللَّه تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: ١٠٤]، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يزال من أُمَّتي أُمَّة قائمة بأمر اللَّه ما يضرهم من كذَّبهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر اللَّه وهم على ذلك" (٢).

٣ - إنَّ تميز الأُمَّة. . . إنَّما يظهر بشكل جلي كلما التزم المسلمون بالإسلام، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: ١٠٣]، وقال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما رواه الحاكم عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: "إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما، كتاب اللَّه وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض" (٣).

كان هذا التميُّز -وما يزال- مستهدفًا من أعداء الأمة منذ بداية تكوينها بهديه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ففي السنة الثانية من الهجرة، وعندما تحولت القبلة إلى الكعبة المشرفة أكثر أعداء الدين -يتزعمهم اليهود- من التنديد بالإسلام إثر هذا


(١) أكرم ضياء العُمَري: الرسالة والرسول: ص ٣٧، ٣٨، (المرجع السابق).
(٢) أخرجه البخاري: صحيح البخاري: ٨/ ١٨٩، كتاب التوحيد، باب (٢٩)، ترتيب: محمد فؤاد عبد الباقي، (مرجع سابق)، وورد في مواضع كثيرة لدى البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي، بألفاظ متقاربة.
(٣) أخرجه الحاكم عن أبي هريرة ووافقه الذهبي: المستدرك عن الصحيحين: ١/ ١٧٢، كتاب العلم، الحديث رقم (٣١٩/ ٣٢)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الطبعة الأولى ١٤١١ هـ - ١٩٩٥ م عن دار الكتب العلمية، بيروت.
وانظر: مالك بن أنس: الموطأ، تعليق: محمد فؤاد عبد الباقي ٢/ ٦٨٦، الطبعة الثانية ١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م عن دار الحديث - القاهرة، وابن عبد البر: جامع بيان العلم وفضله ٢/ ١٨٠ عن دار الكتب العلمية - بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>