أنّها حركة علمية تهدف -فيما تهدف إليه- إلى الانطلاق من معرفة الإسلام عن كثب لغاية أُخرى، وهي دس سمومها الفكرية، وإثارة الشكوك والشبهات في عقيدته وشريعته وتاريخه وفي تراثه بعامة؛ لتصرف أهله عنه، وليولوا وجوههم شطر الغرب ونحو علومه وثقافته، بعد أنْ ضعفت الشخصية المسلمة، وفقد المسلمون بسبب ذلك ما في ذاتيتهم المتميزة من قوة ومنعة؛ وبهذا تكون هذه الحركة الماكرة ماضية بشتى الوسائل لتحقيق غايتها في فرض التبعية على المسلمين.
إن أهمية تميز الأمة الإسلاميَّة يُمكن أن تدرس من ناحيتين مهمتين، هما:
الأولى: تأصيل التميُّز والتدليل عليه من الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة الصالح.
الثانية: نقد موقف المستشرقين من هذا التميُّز.
ولا شك أنّ إبراز تميز الأمة الإسلاميَّة بمقوماته وخصائصه وأهدافه ووسائل تحقيقه؛ ما يجدر بحثه والعناية به، ولا سيما في هذا العصر الذي اشتدت فيه وطأة الصراع على الأمة الإسلاميَّة، وبخاصة ما يرى من محاولة الهيمنة العقدية والفكرية عليها، بهدف ترسيخ قيم الغرب، وأخلاقه ومناهجه في الحياة، وكل ما يذهب بتميزها ويوهن شخصيتها الفريدة.
ويشهد لهذا الهدف الخطير مقولات كثيرة تعج بها كتابات دهاقين السياسة والفكر في الغرب، منها مقولة (هانوتو)(١): (لا يهمكم هذه الكتلة الشيوعية التي ظهرت؛ فإنها "ستخفق" وتكون أضحوكة بينكم لمخالفة بنائها الفطرة الإنسانية، ولكن لا يهمكم إلَّا أمة واحدة شعارها واحد في
(١) هانوتو (١٨٥٣ - ١٩٤٤) كان عضوًا في المجمع اللغوي الفرنسي، ووزيرًا ومؤرخًا. انظر: نجيب العقيقي: المستشرقون ١/ ٢٧٠، الطبعة الرابعة عن دار المعارف، القاهرة، ١٩٨٠ م.