للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعمل بمقتضى الشهادة الثانية (محمد رسول اللَّه)، أي: قصر التلقي والطاعة على ما جاء به محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ورفض التلقي عن غيره والطاعة لمن سواه، باعتباره المبلغ الوحيد عن اللَّه ولديه الوحي الأخير الذي لم يصبه تغيير أو تشويه أو تحريف، ففي الشهادة الأولى نبذ للأديان الوضعية والمذاهب الفلسفية والنظم الاجتماعية الجاهليَّة؛ لأن إفراد اللَّه بالألوهية هو رفض الخضوع لغير أمره وتنظيمه، وفي الثانية نبذ للأديان السماوية المحرفة التي تدعي نسبتها للَّه -سبحانه وتعالى- كاليهودية والنصرانية) (١).

ومن مقتضى شهادة (محمد رسول اللَّه) تنبثق الشريعة الإسلامية (فالعلاقة إذًا بين العقيدة والنظم في المجتمع المسلم علاقة وطيدة وثيقة. . . ولذلك لا يوجد مجتمع مسلم بدون عقيدة التوحيد الإسلامية، ولو تغيرت عقيدة التوحيد لانتهت النظم الإسلامية أو أصابها التغير بقدر الانحراف عن التوحيد في نفوس الأفراد. . كما أنَّه من الخطأ البين وصف مجتمع بأنَّه مسلم. . أو موحد دون أن تكون نظمه إسلامية، أي: دون تطبيق الشريعة الإسلامية في شتى جوانب حياته) (٢). وأما من حيث الانسجام مع النظام الشامل للكون والحياة، (فإنَّ جميع الموجودات في هذا العالم -من أكبر الأجرام الفلكية إلى أصغر الذرات- يخضع كل منها لقانونه الخاص الذي ينبع من ماهيته الذاتية ووجوده الخاص، كما أنَّ هذا العالم المخلوق ككل وفي مجموعه يخضع أيضًا لناموس كلِّي يسير حسبه أيضًا. . . وإلى تلك الربوبية الشاملة للكون المخلوق تشير الآية الأولى من فاتحة الكتاب: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢]. . . فكل شيء في


(١) فاروق الدسوقي: مقومات المجتمع المسلم: ص: (٧٥، ٧٦)، (مرجع سابق).
(٢) فاروق الدسوقي: مقومات المجتمع المسلم: ص: (١٧٧، ١٧٨)، (المرجع السابق نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>