للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حركة الترجمة التي بدأت في نهاية القرن الهجري الأول، ونشطت في العصر العباسي، وتزامنت في بعض مراحلها مع تدوين الفقه الإسلامي (فإنها أهملت إهمالًا واضحًا كتب القانون فلم يترجم إلى العربية أي كتاب قانوني من لغة أجنبية. . وكانت أول ترجمة للكتب القانونية الأجنبية في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي على أيدي النصارى السوريان، ولم يكن لهذا تأثير على الفقه الإسلامي؛ لأنه كان قد بلغ نضجه -قبل ترجمة هذه الكتب بعدة قرون) (١).

وأما المسألة الثانية: وهي أثر الذين دخلوا الإسلام من النصارى وأهل الذمة على الشريعة وفقهها؛ فإن هذه المسألة لا تعدو أن تكون مجرد افتراض يدحضه الواقع التاريخي من وجوه عدة، من أبرزها:

١ - من المتعذر على الذين دخلوا الإسلام من النصارى وغيرهم أن يؤثروا في التشريعات الإسلامية (لأن السلطة التشريعية في الإسلام هي في يد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أثناء حياته يستمد ذلك من الوحي الإلهي، وبعد وفاته انتقلت تلك السلطة إلى نفر من المسلمين يسمون المجتهدين، وهؤلاء يشترط فيهم شروط خاصَّة أفاض في تفصيلها وبيانها الأصوليون في كتبهم، وليس هذا مجال إيرادها، ولا يعرف أن أحدًا من مجتهدي القرن الأول والثاني كان متثقفًا) (٢) بغير الثقافة الإسلامية أو ممن اهتدى إلى الإسلام وهو عارف بالقانون الكنسي أو غيره من القوانين الأخرى (٣).

٢ - ومن المسلمات في دين الإسلام أن من يدخل فيه يخلع عنه كل أمر من أمور الجاهلية، ويستسلم لأمر اللَّه وحكمه، وفي مقدمة ذلك


(١) محمد الدسوقي: المرجع السابق نفسه: ص: ٧١٤، ٧١٥.
(٢) عبد اللَّه الركبان: دعوة تأثر الفقه الإسلامي ص ٨٠، (مرجع سابق).
(٣) انظر: المرجع السابق نفسه: ص ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>