للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: ٤٥]، والصلاة وسائر العبادات في الإسلام تصقل نفوس المسلمين، وتحقق فيهم معنى الأخوة والوحدة في أجمل صورة؛ لأنها تشد (آصرة الأخوة في الدين في تفاعلها العميق مع وجدان المؤمن على هدى وبصيرة ومحبة وتعاون، ومشاركة في المثل العليا، فإذا الكثرة المتفرقة وحدة مجتمعة، وإذا النفوس في ألقها وصفائها كالمرايا المتقابلة، تنعكس صور بعضها في بعض وتذوب الفوارق مهما عظمت) (١)، فيظهر المسلمون صفًا واحدًا لا فرق بين غني وفقير، ولا رئيس ومرؤوس، ولا سيد وعبد، ولا صغير ولا كبير، الكل سواسية كأسنان المشط تجمعهم الطاعة والإيمان والانقياد للَّه، ثم إن لهذه الأخوة والوحدة في الدين والعبادة امتدادًا في الاهتمام بالشؤون الخاصة، فعلى سبيل المثال حينما يندُّ عن هذا النسق بعض المسلمين، فإن الأخوة الإسلامية توجب عليهم التساؤل عن سبب ذلك والتعامل مع كل حالة بما يناسبها من الحقوق والواجبات (٢).

وعلى هذا فإن الاجتماع للصلوات والشعائر الإسلامية الأخرى كالعيدين وغيرهما وكذلك صوم رمضان وحج بيت اللَّه الحرام وما يلازمهما من مبادئ وقيم وتعاليم، إن ذلك كله يحقق معنى الأخوة الإسلامية ووحدة الأمة وآفاقها الكبرى التي تتجلى في صور كثيرة تؤكد كلها تميُّز الأمة الإسلامية.

وأما الأخلاق التي أوجبها الإسلام على أمته أو حث عليها أو ندب


(١) عمر عودة الخطيب: لمحات في الثقافة الإسلامية: ص: (٣٦٦)، مرجع سابق.
(٢) انظر: محمود محمد بابللي: معاني الأخوة في الإسلام ومقاصدها ص: (١٥٤ - ١٧٠)، مرجع سابق وانظر: محمد عبد اللَّه عفيفي: النظرية الخلقية عند ابن تيمية: ص: (٤١٨ - ٤٣٩)، الطبعة الأولى: (١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م)، من مطبوعات مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية - الرياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>