للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك يحقق المسلم العدل في ذاته ويتخلق به في تعامله مع إخوانه فتقوم الأخوة الإسلامية، ووحدة الأمة على أساس من العدل في الأخذ والعطاء وتحديد المواقف، قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: ١٥٢] وقال جل شأنه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: ٩٠]، وقال أيضًا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: ١٣٥]، قال بعض المفسرين في تفسيرها: (كونوا في كل أحوالكم قائمين بالقسط الذي هو العدل في حقوق اللَّه، وحقوق عباده، فالقسط في حقوق اللَّه أن لا يستعان بنعمه على معصيته، بل تصرف في طاعته، والقسط في حقوق الآدميين أن تؤدي جميع الحقوق التي عليك كما تطلب حقوقك، فتؤدي النفقات الواجبة، والديون، وتعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به من الأخلاق والمكافأة، وغير ذلك، ومن أعظم أنواع القسط، القسط في المقالات والقائلين، فلا يحكم لأحد القولين، أو أحد المتنازعين، لانتسابه أو ميله لأحدهما بل يجعل وجهته العدل بينهما، ومن القسط أداء الشهادة التي عندك على أي وجه كان، حتى على الأحباب، بل على النفس) (١).

وأما الرحمة فهي (أثر من آثار الإيمان، يبعثها الطمع في رحمة اللَّه -وهي تعد فضيلة من فضائل الإنسان- وتدفع إليها العواطف النبيلة والإحساس الإنساني الشريف، وقد وصف اللَّه بها نفسه، وتفضل بها على خلقه، فقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ٥٤]، واللَّه يحب من عباده أن يكونوا رحماء فيما


(١) السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (٢/ ١٩١)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>