للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهم، فيعطف كبيرهم على صغيرهم، ويوقر صغيرهم كبيرهم، يواسي غنيهم فقيرهم، ويعين قويهم ضعيفهم، ويرشد عالمهم جاهلهم، ويهدي حكيمهم سفيههم، ويرى المحكوم رحمة الحاكم به، كما يرى الأبناء رحمة الآباء، والتلاميذ رحمة المعلمين، والمرضى رحمة الأطباء، أولئك هم الذين يرحمهم اللَّه، ويعطف عليهم، ويسعدهم بحسن لقائه، وينجيهم من فتنة الحياة والممات "الراحمون يرحمهم الرحمن" (١)، وكما أوجب اللَّه على الإنسان أن يرحم أخاه الإنسان أوجب عليه أن يرحم الحيوان (٢)، فالرحمة تشمل في قلب المؤمن سائر خلق اللَّه من حيوان وطير ونحوها إلا الفواسق (٣).

وقد وردت أقوال كثيرة للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى جانب ما ورد في القرآن الكريم كلها تحث على الرحمة، وتبين أهميتها، وأنها من أجل نعم اللَّه،


(١) أخرجه الترمذي: الجامع الصحيح: (٤/ ٢٨٥)، الحديث رقم: [١٩٢٤]، وفيه: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، الرحم شجنة [أي قرابة من اللَّه تعالى مشتبكة كاشتباك العروق من الرحمن، فمن وصلها وصله اللَّه ومن قطعها قطعه اللَّه"، تحقيق: كمال يوسف الحوت، مرجع سابق.
(٢) محمود شلتوت: من توجيهات الإسلام ص: (٢٧٦)، مرجع سابق.
(٣) أجاز الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قتل بعض المخلوقات السامة المؤذية للإنسان مثل الحية والعقرب والكلب العقور وبعض الوحوش المفترسة ولكنه نهى عن تعذيبها وإحراقها، وقد عقد الفقهاء والمحدثون فصولًا في كتبهم لمناقثة ذلك وبيان أحكامه. راجع كتب الفقه والسنة مثل: صحيح البخاري، الأحاديث ذات الأرقام [٢٨٢٦، ٣٣١٥، ١٨٢٨]، وصحيح مسلم: (٨/ ١١٥، ١١٦)، ومسند الإمام أحمد: (٨/ ١١٣، ١١٥، ١١٦)، وغيرها وانظر من كتب الفقه: شرح الزركشي على مختصر الخرقي (في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل) تأليف: شمس الدين محمد بن عبد اللَّه الزركشي المصري الحنبلي، تحقيق: عبد اللَّه بن عبد الرحمن الجبرين، المجلد [٣]، ص: (١٥٤ - ١٥٨)، الطبعة الأولى: (١٤١٠ هـ)، عن شركة العبيكان للطباعة والنشر - الرياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>