للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كل سنة، ثم عارضه به في السنة التي توفي فيها -صلى اللَّه عليه وسلم- مرتين (١)، ومعنى هذا أنَّ القرآن الكريم كان في صورته التَّامَّة في هذه السنة التي تَمَّ عرضه فيها مرتان، ولذلك شواهد كثيرة ذكرها العلماء، من أظهرها ما أورده البغوي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنَّه قال: (كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان، وزيد بن ثابت، والمهاجرين والأنصار واحدة، كانوا يقرؤون القراءة العامَّة فيه، وهي القراءة التي قرأها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان زيد قد شهد العرضة الأخيرة، وكان يقرئ الناس بها حتّى مات، ولذلك اعتمده الصديق في جمعه، وولَّاه عثمان كتبة المصحف) (٢).

بيد أنَّه وردت أقوال وآراء أخرى حول جمع القرآن في عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- اهتبلها بعض الباحثين وبخاصة بعض المستشرقين في العصر الحديث ليشككوا في نص القرآن الكريم من ناحيتين:

الأولى: من ناحية تواتره.

الثانية: من ناحية ضبط نصه وإجماع الأُمَّة على ذلك.

فأمَّا من ناحية التواتر فزعموا أن نص القرآن الكريم ليس متواترًا، وأنَّه خضع لفكرة التاريخيَّة (٣) واستشهدوا بمثل ما رواه البخاري عن أنس أنه قال:


(١) روى البخاري في صحيحه ١/ ١٩١١ الحديث رقم [٤٧١٠]، ترتيب: مصطفى ديب البُغا، (مرجع سابق) عن مسروق عن عائشة عن فاطمة عليها السلام: (أسر إليَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلَّا حضر أجلي").
(٢) شرح السنَّة؛ تحقيق: علي محمد عوض وعادل أحمد عبد الموجود، ٣/ ٥٠، الطبعة الأولى ١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م، دار الكتب العلمية - بيروت.
(٣) انظر: آرثر جفري: مقدمتان في علوم القرآن؛ نقلًا عن أحمد خليل: دراسات في القرآن: ص ٨٦، طبعة ١٩٦٩ م، عن دار النهضة العربية - بيروت. =

<<  <  ج: ص:  >  >>