للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن المراد حفظ القرآن بجميع أوجه القراءات، أو تلقي القرآن مشافهة عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أو الجمع شيئًا فشيئًا حتى تكامل نزوله (١).

والسبب في هذه التخريجات دفع ما قد تحمله تلك الرواية وأمثالها من توهين في نص القرآن الكريم؛ من حيث تواتر جمعه سواء بمعنى حفظه في الصدور، أو كتابته في السطور، بل جاءت بعض ردود العلماء على الطاعنين في تواتر نص القرآن الكريم في المصادر القديمة، فقد نقل ابن حجر ردَّ (المازري) على الملاحدة إذ يقول: (وقد تمسك يقول أنس هذا جماعة من الملاحدة، ولا متمسك لهم فيه إنا لا نسلم حمله على ظاهره: سلمناه، ولكن من أين لهم أن الواقع في نفس الأمر كذلك؟ سلمناه لكن لا يلزم من كون كل من الجم الغفير لم يحفظه كله ألّا يكون حفظ مجموعه الجم الغفير، وليس من شرط التواتر أن يحفظ كل فرد جميعه، بل إذا حفظ الكل الكل ولو على التوزيع كفى) (٢). ومعنى كلامه: أنَّ نصَّ القرآن الكريم متواتر بالحفظ في مجموع الأُمَّة (٣).

وأمَّا من ناحية ضبط النص وإجماع الأُمَّة على ذلك، فقد اتكأ المشككون على بعض الروايات وما كان لدى بعض الصحابة من مصاحف خاصَّة بهم، فمن الروايات ما ورد عن زيد بن ثابت أنَّه قال: (قبض الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يكن القرآن جمع في شيء) (٤).

ووجه ذلك: أنَّ القرآن الكريم لم يجمع في مصحف واحد (وإنَّما كان


(١) انظر: المرجع السابق نفسه: ١/ ٢٤٤.
(٢) فتح الباري شرح صحيح البخاري ٩/ ٥٢، (مرجع سابق). وانظر: الزرقاني. .: مناهل العرفان: ١/ ٢٤٤، ٢٤٥، (مرجع سابق).
(٣) انظر: ابن حجر: فتح الباري. . ٩/ ١٢، (المرجع السابق نفسه).
(٤) أورده ابن حجر: فتح الباري شرح صحيح البخاري ٩/ ١٢، (المرجع السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>