للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشار إليها، وبنى عليها استنتاجاته الضَّالَّة بيد أنَّه، ومن سلك منهجه من المستشرقين -كما قال أحد الباحثين-: (يضعون الفكرة أولًا، ثُمَّ يبحثون عن أدلة تؤيدها مهما كانت واهية، ويلجؤون إلى الاعتماد على أسلوب المغالطات والأكاذيب واقتطاع النصوص والحوادث التاريخية وفقًا لأهوائهم ونزعاتهم، وهذا عكس المنهج العلمي في الاستدلال) (١).

ولو التزم (سيل) بالمنهج العلمي لذكر ردّ القرآن الكريم على مشركي مكة ولكنه يعرف بعمق كيف يؤثر القرآن الكريم بقوة حجته وبيانه ويجلو الحق، فترك هذا الجانب مجافاة للمنهج العلمي الصحيح، وافْتِئاتًا على الحقيقة التاريخية في هذه الدعوى التي أثارها، وكانت نهايتها التاريخية ظهور الحق وعلو كلمة اللَّه، ودخول الناس في دين اللَّه أفواجًا، ونزول قول اللَّه تعالى: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، فقد نزلت هذه الآية بعد أن نصر اللَّه عبده وأعزَّ جنده، وهزم الأحزاب وحده، وثبت للدنيا بأسرها بأنَّ القرآن الكريم كلام اللَّه أوحاه إلى نبي الرحمة والهدى. . . وبأنَّ اعتراضات مشركي مكة ودعواهم قد تهافتت، فنَّدَها القرآن الكريم، وكذبتها الوقائع التاريخية ولكن (سيل) وزمرته في غمرتهم لاهون.

٥ - أمَّا مقولة (لوت) عن التأثير الأجنبي في القرآن الكريم وترجيحه أن يكون التأثير يهوديًا، وأن محمدًا -كما يزعم- مدان لهذا التأثير في فواتح السور؛ من مثل (آلم. .) ونحوها فإنَّ هذا المستشرق نسي أو تناسى أن عدد السور التي افتتحت بهذه الحروف تسع وعشرون سورة، نزل منها سبع وعشرون سورة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة المكرمة قبل مجاورته لليهود في


(١) عبد الرحمن حبنكة: أجنحة المكر الثلاثة. .: ص ١٤٧، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>