للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجرد هذا البثّ أو الإيهام لا يكفي تفسيرًا لما جاء به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من العلم والحكمة والنبوة.

ومن الناحية التاريخية؛ لم يثبت في كتب التاريخ والسيرة أنَّ أحدًا من قوم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أثار هذا الاحتجاج مع قوته لو وقع بالفعل، وإذ لم يحتج به المشركون مع شدّة عدائهم للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وحاجتهم لمثل هذه الحجة كان ذلك دليلًا على إسقاط هذه الحجّة (١).

ومن ناحية أخرى فإنَّ حادثة ملاقاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- للراهب (بحيرى)، قد أثير حولها كثيرٌ من التساؤلات والتشكيك في سندها التاريخي (٢)، مِمَّا دعا المستشرق (هوارت) إلى القول: (لا تسمح النصوص العربية التي عشر عليها، ونشرت وبحثت منذ ذلك الوقت بأن نرى في الدور المسند إلى هذا الراهب السوري إلَّا مجرد قصة من نسج الخيال) (٣).

ولو صحت قصة الراهب (بحيرى) كما وردت في المصادر الإسلاميَّة فإنها حجة لنبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ورسالته وليست ضدها كما فسرها بعض المستشرقين؛ لأن ما تفوه به الراهب (بحيرى) مجرد بشارة بنبوة الرسول


(١) انظر: ساسي سالم الحاج: الظاهرة الاستشراقية. . . ٢/ ٣٣٣، ٣٣٤، (مرجع سابق).
(٢) لدراسة موسعة حول ما قيل عن سند الروايات التي ذكرت رحلة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الشام وخبر ملاقاته بـ (بحيرى) راجع الآتي:
• الذهبي: تاريخ الإسلام. . . ١/ ٥٥ - ٦٠، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، عن دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية ١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م.
• عماد الدين خليل: دراسة في السيرة: ص ٣٩، ٤٠ وص ٢٧١، ٢٧٢، (مرجع سابق).
• أبو الحسن الندوي: السيرة النبوية: ص ١٠٣ - ١٠٥، طبعة دار الشروق، جدة، ١٩٧٧ م.
• محسن عبد الحميد: تحقيق قصة بحيرى، مجلة الجامعة، عدد [٤] سنة [٩]: ص ٦٩ - ٧٣.
(٣) نقلًا عن محمد عبد اللَّه دراز: مدخل إلى القرآن الكريم: ص ١٣٤، (مرجع سابق)، وانظر: زقزوق: الاستشراق. .: ص ٨٥، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>