من الحقد والحسد، والأنانيَّة، والكبر، واللؤم، وروح العداء، والتفرقة، وسوء المعاشرة مع الآخرين) (١).
أمَّا آثار الصيام على الفرد والمجتمع فإنَّها بقدر ما تكتسب من هذه القيم والفضائل التي شملت القلب والعقل واللسان واليد والقدم -فيما ذكر أعلاه- بقدر ما ينعكس أثر ذلك على حياة الفرد فيعيش في أمن وسعادة وطمأنينة، وعلى الأُمَّة، فتحقق عبوديتها للَّه -عزَّ وجَلَّ- وتلتزم صراطه المستقيم الذي يوصلها بالتقوى والسيادة والعلو، وتحقيق الخيريَّة المنوطة بها، وإلى ذلك فإنَّ من آثار الصوم في حياة الفرد والمجتمع الآتي:
أ- تَرْبِيةُ الفَرْد تربية قوية تتجلى فيها العبوديَّة للَّه في نواح عدَّة، منها: (تعويده على الصبر، وهو قمة الأخلاق وروح الفضائل الإنسانية، وعلى أن يراقب الإنسان نفسه بنفسه، وأن يحاسب نفسه بنفسه قبل أن يحاسبه غيره، وفي الصوم تعويد على أن يكون ظاهر الإنسان موافقًا لباطنه، وسره مطابقًا لعلنه؛ لأن الصيام عبادة بين العبد وبين اللَّه، يمتنع الصائم سرًّا عن كل ما هو محرم عليه، كما يمتنع علنًا، ومن هذه الناحية لا تشبه عبادة أخرى في مطابقة الظاهر للباطن وموافقه السر للعلن، وفي الصوم تعود المؤمن على أن لا يعرف الذلة والاستكانة، ولا الخضوع المطلق إلَّا للَّه.
وهنا نقطة جوهريَّة يجب أن ينتبه إليها المسؤولون في كل بلاد العالم؛ وهي: أنّ الوازع الديني يفعل في النفوس ما لا يفعله وازع القوة والسلطان، فإذا تعود الإنسان عن طريق الدين على أن يستمع إلى صوت ضميره، وأن يراقب نفسه بنفسه، وأن يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه غيره،
(١) مصطفى إبراهيم الزلمي: فلسفة الشريعة: ص ٢٨، (مرجع سابق)، وانظر: الغزالي إحياء علوم الدين (إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين لمحمد بن محمد الزبيدي) ٤/ ٤٠٥، (مرجع سابق).