للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل هذه الروايات صحيحة، ولا تعارض بينها) (١).

على أنّ بعض الباحثين ركَّزَ مفهوم الخلافة والاستخلاف في جانبها السياسي، وأفضى به البحث إلى وجوب قيام الخلافة الإسلاميَّة، فهو يقول: (إنَّا نجد خلافة "الخلفاء" يتردد أمرها بين مدٍّ وجزر بحسب اقترابها أو ابتعادها من تعاليم الدين وقيمه، كما نلاحظ ذلك في تاريخ خلافة هذه الأُمَّة، وما انتهى إليه أمرها يوم أن تحطمت دولة الخلافة بعد أن فقدت مقوماتها الحقيقية، وانحرفت عن منهج اللَّه، فوقعت فريسة للقوى المتآمرة عليها المتربصة بها، وبذلك طويت صفحة من صفحات القوة في تاريخ هذه الأمَّة) (٢).

ثُمَّ يخلص إلى القول: (إن عصر الدول المعتمدة على نفسها، المكتفية بقوتها ومواردها، والتي لا ترى حاجة للتعاون مع غيرها قد ولَّى. . . لقد أصبح العالم بفعل التطور العلمي السريع كأنَّه بلد واحد، لقد قضت الاتصالات السريعة، والوسائل العلميَّة الحديثة، والمكتشفات على ما كان من عزلة بين الدول، فطويت المسافات البعيدة، وتداخلت مصالح الأمم والشعوب، فنشأت التكتلات العقائدية والفكرية، والتحالفات السياسية، ولم يعد مكان للدول المنعزلة، والدويلات الصغيرة في عالم الكبار.

إنَّ هذا التطور جاء ليؤكد ما جاء به الإسلام قبل أربعة عشر قرنًا حين أقام دولته على أساس العقيدة، وجعل أمته تضم شعوبًا وقبائل متعددة،


= الموصلي: مسند أبي يعلى الموصلي ٤/ ٥٩، ٦٠، الحديث رقم [٢٠٧٨]، ورقمه في مسند جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-[٣١٣]، ولفظه: "لا تزال أمتي ظاهرين على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم، فيقول إمامهم: تقدَّم فيقول: أنتم أحق بعضكم أمراء بعض، أمر أكرم اللَّه به هذه الأمة"، تحقيق: حسين سليم أسد، الطبعة الثانية ١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م، عن دار الثقافة العربيّة - بيروت.
(١) تفسير القرآن العظيم ٣/ ٣٠٢، (المرجع السابق نفسه).
(٢) الخلافة في الأرض: ص ٥٤، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>