للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فلول الصباح، وحيث الدعوة النصرانية باتت كأنها خرافة من الخرافات وقال مبشر بروستنتي فرنسي: "ما برح الإسلام (يتقدم) منذ نشوئه حتى اليوم فلم يعثر في سبيله إلَّا القليل، وما زال يسير في جهات الأرض حتى بلغ قلب إفريقية مذلّلًا أشق المصاعب، ومجتازًا أشد الصعاب، غير واهن العزم، فالإِسلام حقًّا لا يرهب في سبيله شيئًا، وهو لا ينظر إلى النصرانية، منازعته الشديدة، نظرة المقت والازدراء، فلهذا هو حقيق بالظفر والنصر، إذ بينما كان النصارى يحلمون بفتح إفريقية في نومهم، فتح المسلمون جميع بقاع القارة في يقظتهم") (١).

أمَّا الجهاد فله مفهوم واسع، يقول الراغب الأصفهاني: (الجهاد والمجاهدة: استفراغ الوسع في مدافعة العدو، والجهاد ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر، ومجاهدة الشيطان، ومجاهدة النفس وتدخل ثلاثتها في قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: ٧٨] , وقوله تعالى: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٤١]، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: ٧٢]. . . والمجاهدة تكون باليد واللسان) (٢).

وبهذا يتبين أنَّ الجهاد يبدأ من داخل المؤمن كي ينتصر على أهوائه وشهواته ويجاهد نزغات الشيطان ووسوسته، ليستقيم على صراط اللَّه المستقيم، وبذلك يكون فردًا صالحًا في مجموع الأُمَّة، ثُمَّ يرقى إلى إدراك مهمته في الحياة، وواجبه في نشر الدعوة والدفاع عنها، وبذلك يندرج في الأُمَّة الإسلاميَّة، ثُمَّ إنّ هذه الأُمَّة مضطرة إلى الجهاد للمحافظة على


(١) حاضر العالم الإِسلامي: ١/ ٣٠١، ٣٠٢، (المرجع السابق نفسه)، وانظر: عماد الدين خليل: قالوا عن الإسلام: ص ٢٩٣، (مرجع سابق).
(٢) مفردات ألفاظ القرآن، مادة (جَهَد)، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>