للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذاتيتها والدفاع عن وجودها والاضطلاع برسالة ربها في نشر دينه وإعلاء كلمته، وللجهاد في الإسلام معنى حضاري فريد؛ (فالجهاد يعكس مفهوم الأمن الإِسلامي الذي يركز على إيصال الرسالة وتبليغها إلى الآخرين بغية توفير الأمن الفكري والمادي والنفسي لبقاء النوع البشري ورقيه، ذلك أن مصدر الخطر على بقاء النوع البشري ورقيه -حسب التصور الإِسلامي- يكمن في (القيم) التي تَكْفُرُ -أي: تَحْجُبُ وتُخْفِي- قوانين الخلق في النشأة والمصير، وتقتصر على نوازع التمتع بالحياة وشهواتها، ومن هذا -الكفر- تتشوه جميع أشكال الاعتقاد والشعور والممارسات في ميادين السلوك والاجتماع والعلاقات، حتى إذا ظهر أهل الكفر في الأرض أشاعوا الفتن، والمظالم السياسيَّة، والمفاسد الاجتماعية، وردوا شبكة العلاقات الاجتماعية إلى عهود الغاب والهمجيَّة والتخلف، ولذلك كان طلب بذل النفس لمحاربة قيم الكفر ومؤسساته وممثليه، وبذل المال لنشر قيم الرسالة الإسلاميَّة وإقامة مؤسساتها والإنفاق على العاملين والدارسين فيها حتى يتحقق التفوق للقيم الإسلاميَّة فيشيع السلام ويكون الدين كله للَّه، وهذا المفهوم الإِسلامي للأمن والسلام يختلف تمام الاختلاف عن مفهوم الأمن القومي الذي ترفع لواءه المجتمعات المعاصرة، وتتخذ ذريعة لممارسة مختلف أشكال العدوان ضد بعضها. .) (١).

ويختلف مفهوم الجهاد في الإسلام -كذلك- تمام الاختلاف عن المفاهيم القديمة والحديثة، فهو مختلف عن مفهوم الغزو لدى العرب قبل الإسلام، ويختلف عن مفهوم الحرب المقدسة لدى الغرب (٢)، وإنَّما هو


(١) مساجد عرسان الكيلاني: الأُمَّة المسلمة (مفهومها، إخراجها، مقوماتها): ص ٧١، ٧٢، (مرجع سابق).
(٢) انظر: المرجع السابق نفسه: ص ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>