للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْ مَجْمُوعِ عِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مَتَى قَالَ بِمِثْلِ نَصِيب أَوْ بِنَصِيبِ ابْنِي وَلَا ابْنَ لَهُ وَارِثٌ بَطَلَ مُطْلَقًا أَوْ ابْنٍ بِالتَّنْوِينِ صَحَّ مُطْلَقًا.

وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي التَّوَسُّطِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيب ابْنِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لِرِقٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ قُلْت وَلَمْ أَرَ فِيهِ خِلَافًا وَفِي النَّفْسِ مِنْ إطْلَاق الْبُطْلَان شَيْءٌ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ مُوصٍ بِمِثْلِ نَصِيب ابْنٍ لَوْ كَانَ أَوْ كَانَ مَنْ بِهِ مَانِعٌ وَارِثًا وَقَدْ يَجْهَلُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ حِرْمَانَ الرَّقِيقِ أَوْ الْقَاتِلِ فَيُوصِي بِمِثْلِ نَصِيبه ظَانًّا وِرَاثَتَهُ اهـ. فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ وَفِي النَّفْسِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ تَعْلَمُ بِهِمَا أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ إطْلَاق الْأَصْحَابِ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُقَال مَا أَبْدَاهُ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ قَوْلُهُ فَلَا شَكَّ فِيهِ مَا فِي قَوْلِهِ وَيَتَعَيَّنُ بَلْ فِيهِ ظَنٌّ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ تَمَسُّكًا بِكَلَامِهِمْ فَضْلًا عَنْ شَكٍّ وَالْإِرَادَةُ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهَا كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْجَوَابِ الثَّالِثِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي اللَّفْظِ مَا يُنَافِيهَا وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْجَوَابِ الرَّابِعِ أَنَّهُ حَيْثُ أَضَافَ الِابْنَ إلَيْهِ نَافَاهُ ذَلِكَ التَّقْدِيرُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْخَادِمِ بَعْدَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ هَذَا إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ بِالْإِضَافَةِ فَأَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِمِثْلِ نَصِيب ابْنٍ بِالتَّنْوِينِ وَلَا ابْنَ لَهُ فَفِي التَّهْذِيبِ وَالْكَافِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَكَأَنَّهُ قَالَ بِمِثْلِ نَصِيب ابْنٍ لِي لَوْ كَانَ وَفِي نَصِيب ابْنِي لَا يَصِحُّ هَذَا التَّقْدِيرُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.

فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ إنَّمَا يَتَأَتَّى مَعَ عَدَمِ الْإِضَافَةِ لَا مَعَ وُجُودِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَكَلَامِهِمْ اهـ. لَا فَرْقَ فِي الْبُطْلَان بَيْن قَوْلِهِ بِنَصِيبِ ابْنِي فَقَطْ أَوْ ابْنِي الْمَيِّتِ وَفِي الصِّحَّةِ بَيْن ابْنٍ أَوْ ابْنٍ مَيِّتٍ وَفِي الْفَرْقِ بَيْن ابْنِي الْمَيِّتِ وَابْنٍ مَيِّتٍ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ إنَّمَا تُنَافِي تَقْدِيرَ الْوُجُودِ مِنْ أَصْلِهِ لَا تَقْدِيرَ الْحَيَاةِ لِأَنَّ اللُّغَةَ وَالْعُرْفَ يَقْتَضِيَانِ صِحَّةَ إضَافَةِ ابْنِهِ الْمَيِّتِ إلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهَا مُنَافَاةٌ لِتَقْدِيرِ لَوْ كَانَ حَيًّا فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ وَمِنْ شَوَاهِدِهِ مَا لَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمِثْلَ فِي كَوْنِهِ هَذَا مِنْ شَوَاهِدِ التَّعَيُّنِ الَّذِي ذَكَرَهُ نَظَر أَيُّ نَظَر لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى إحَالَةِ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ بَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعَيُّنِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَمَّا فِي أَوْصَيْت بِمِثْلِ نَصِيب ابْنِي وَلَا ابْنَ لَهُ فَفِيهِ مَا يُحِيلُ تَقْدِيرَ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا وَهُوَ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ تَصْرِيحُهُمْ بِهِ قَوْلُهُ وَهُوَ حَسَنٌ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْجَوَابِ الثَّانِي أَنَّ الْعُرْفَ الْخَاصَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ فِي تَخْصِيصِ اللُّغَةِ وَلَا الْعُرْفَ الْعَامَّ وَكِلَاهُمَا هُنَا يَقْتَضِي أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تُحِيلُ التَّقْدِيرَ بِلَوْ كَانَ مَوْجُودًا فَلَمْ يَعْمَلْ بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ فِيهِ سِيَّمَا مَعَ قَوْل الْإِمَامِ السَّابِقِ أَنَّ الْعَامَّ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ فِي إزَالَةِ الْإِبْهَامِ لَا فِي تَغْيِيرِ مُقْتَضَى الصَّرَائِحِ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا يُفِيدُ أَنَّ أَوْصَيْت بِنَصِيبِ ابْنِي وَلَا ابْنَ لَهُ صَرِيحٌ فِي الْبُطْلَان بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ لَا الْعُرْفِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْعُرْفُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ ابْنًا كَابْنِي نَحْوَ مَا قَدَّمْته فِي ابْنِي الْمَيِّتِ كَانَ قَرِيبًا لِأَنَّ اللُّغَةَ وَالْعُرْفَ لَا يُنَافِيَانِهِ وَمَعَ ذَلِكَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَافَّةً أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاق الْأَصْحَابِ الْبُطْلَان.

وَكَمْ مِنْ مَسْأَلَةٍ الْمُعْتَمَدُ فِيهَا إطْلَاقهمْ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتِهَا نَظَرٌ بَلْ أَنْظَارٌ وَاضِحَةٌ فَلَيْسَ اعْتِمَادُ ذَلِكَ بِبِدْعٍ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلُهُ يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ إلَخْ لَيْسَ هَذَا التَّخْرِيجُ بِصَحِيحٍ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْن مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ وَمَسْأَلَةِ السُّؤَالِ لِأَنَّ صُورَتَهَا الَّتِي ذَكَرَهَا أَوْصَيْت لِأَوْلَادِ ابْنِي بِمِثْلِ مِيرَاثِ أَبِيهِمْ وَصُورَةُ الرَّوْضَةِ أَوْصَيْت لَهُ بِمِثْلِ مِيرَاثِ ابْنِي الْمَيِّتِ وَشَتَّانَ مَا بَيْنهمَا إنْ أَحَطْت بِمَا مَرَّ أَنَّ سَبَبَ الْبُطْلَان فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ الْمُحِيلَةُ لِتَقْدِيرِ وُجُودِهِ أَوْ حَيَاتِهِ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا وَهَذَا لَيْسَ مَوْجُودًا هُنَا لِأَنَّ أَبَاهُمْ الْمُشَبَّهَ بِهِ لَمْ يُضِفْهُ إلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ هُنَا مُوجِبٌ لِلْبُطْلَانِ بِوَجْهٍ وَقَدْ مَرَّ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ أَنَّهُ قَالَ بِمِثْلِ مِيرَاثِ أَبِيهِمْ لَوْ كَانَ حَيًّا وَهَذِهِ لَا نِزَاعَ فِيهَا فَإِنْ قُلْت الْإِضَافَةُ إلَيْهِ فِي أَوْلَادِ ابْنِي مِثْلُهَا فِي نَصِيب ابْنِي قُلْت مَمْنُوعٌ وَكَانَ هَذَا هُوَ سَبَبُ الِالْتِبَاسِ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْصَيْت لِأَوْلَادِ ابْنِي صَحِيحُ الظَّاهِرِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرٍ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِي مِثْلِ مِيرَاثِ ابْنِي مَعَ فَقْدِهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَيْسَ بِصَحِيحِ الظَّاهِرِ وَالتَّقْدِيرُ لِمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ تَعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>