الظَّلَمَةِ عَلَى مَالِهِ فَهَلْ لَهُ قَبُولُ مَا يُعْطَى مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَهَلْ طَلَبُ الْعَارِيَّةِ كَالسُّؤَالِ وَإِذَا سَأَلَ التَّافِهَ كَسُؤَالِ قَلَمٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ هَلْ حُكْمُهُ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ الْمُرَادُ الْغَنِيّ بِكِفَايَةِ سَنَةٍ أَوْ أَقَلَّ وَإِذَا كَانَ يَتَيَسَّرُ الْإِعْطَاءُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فَهَلْ لَهُ السُّؤَالُ فِي وَقْتِ تَيَسُّرِهِ لِمَا يَحْتَاجُهُ مُسْتَقْبَلًا وَهَلْ سُؤَالُ السُّلْطَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَغَيْرِهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَجُوزُ لَهُ إذَا خَافَ الظَّلَمَةَ عَلَى مَالِهِ أَنْ يُظْهِرَ الْفَاقَةَ وَأَنْ يَسْأَلَ لَكِنْ مَا يُعْطَاهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِمَالِكِهِ وَلَيْسَ طَلَبُ الْعَارِيَّةِ كَالسُّؤَالِ فِيمَا يَظْهَرُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ الْغَنِيَّ وَغَيْرَهُ يَسْأَلَانِهَا فَلَيْسَ فِي طَلَبِهَا إذْلَالٌ لِلنَّفْسِ وَلَا تَغْرِيرٌ لِلْغَيْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حُرْمَةُ السُّؤَالِ عَلَى الْغَنِيِّ وَإِنْ سَأَلَ تَافِهًا وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَيْسَ بَيْنه وَبَيْن الْمَسْئُولِ مُبَاسَطَةُ الْأَصْدِقَاءِ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِلْعِلْمِ بِمُسَامَحَتِهِمْ لِمَا سَأَلَ فِيهِ أَصْدِقَاؤُهُمْ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ أَمَّا مَنْ بَيْنه وَبَيْن الْمَسْئُولِ تِلْكَ الْمُبَاسَطَةُ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَيَاءٍ قَطْعًا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ حِينَئِذٍ وَقَوْلُ السَّائِلِ وَهَلْ الْمُرَادُ الْغَنِيّ إلَخْ جَوَابُهُ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَتُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ ضَبْطُ الْغَنِيِّ هُنَا بِمَنْ مَعَهُ كِفَايَةَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْإِحْيَاءِ ضَبْطَهُ بِمَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرْته فَقَالَ بِأَنْ يَجِدَ مَا يَأْكُلُ هُوَ وَمَنْ فِي كَفَالَتِهِ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ وَسِتْرَهُمْ عَنْ النَّاسِ وَمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ بَعْدَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ مُتَيَسِّرًا عِنْدَ نَفَاذِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِسَنَةٍ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي جَوَازُ طَلَبِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إلَى وَقْتٍ يُعْلَمُ بِالْعَادَةِ تَيَسُّر السُّؤَالِ وَالِاسْتِغْنَاء بِهِ وَلَا يَتَجَاوَزُ وَالدَّفْعُ لِمُظْهِرِ الْفَاقَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ إمَّا مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ اهـ وَقِيلَ يَحِلُّ السُّؤَالُ لِلْغَنِيِّ مَعَ الْكَرَاهَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَشَرْطُ حِلِّهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الضَّعِيفِ أَنْ لَا يُذِلَّ نَفْسَهُ وَأَنْ لَا يُلِحَّ وَأَنْ لَا يُؤْذِيَ الْمَسْئُولَ وَإِلَّا حَرُمَ اتِّفَاقًا وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِحُرْمَتِهِ مَعَ ذَلِكَ وَإِنْ احْتَاجَ وَقَالَ الْإِمَامُ هُوَ مَعَ الْإِيذَاءِ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَمَعَ الْحَاجَةِ جَائِزٌ وَالتَّعَفُّفُ عَنْهُ أَوْلَى وَلِغَيْرِ حَاجَةٍ مَكْرُوهٌ وَوَاجِبٌ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ الْأَخْذَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ بَاعِثَهُ الْحَيَاءُ مِنْهُ أَوْ مِنْ حَاضِرٍ وَلَوْلَاهُ مَا أُعْطِيَ حَرَامٌ إجْمَاعًا وَلَا يَمْلِكُهُ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورَةُ وَمَنْ لَهُ بِبَيْتِ الْمَالِ حَقٌّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ السُّلْطَانَ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا وَمَنْ لَا حَقَّ لَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ شَيْئًا مِنْهُ لِأَنَّ نَاظِرَ بَيْتِ الْمَالِ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّبَرُّعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ زَكَاتِهِ إلَى الْأَيْتَامِ الْفُقَرَاءِ الْحَاضِرِينَ عِنْدَ الْقِسْمَةِ لِتَعَسُّرِ أَوْ تَعَذُّرِ مُرَاجَعَةِ الْقَاضِي فِي نَصِيبِ مَنْ يَقْبِضُ لَهُمْ وَلَوْ رُوجِعَ لَقَسَمَهَا الْمَالِكُ قَبْلَ عَوْدِ جَوَابِهِ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ وُجُودُ الْمَنْصُوبِ وَبَقَاؤُهُ فِي الْجَرِينِ عِنْدَ قِسْمَةِ كُلِّ مَالِكٍ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ زَكَاتِهِ إلَى صَغِيرٍ وَلَا إلَى سَفِيهٍ وَإِنَّمَا يُدْفَعُ لِوَلِيِّهِ فَإِنْ فُرِضَ تَعَذُّرُ وَلِيٍّ يَقْبِضُ لَهُ أَوْ قَاضٍ يَنْصِبُ لَهُ وَلِيًّا لِذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا نَادِرًا فَلَا يَقُولُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِ وَاخْتِيَارُ بَعْضِهِمْ جَوَاز الدَّفْعِ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فِيهِ وَلَا الْعَمَلُ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ شَاذٌّ خَارِجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ وَقَائِلُهُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ مُجْتَهِدًا فَيَتَعَيَّنُ إلْغَاؤُهُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ رَأْسًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا ذَكَرُوهُ فِي حَدِّ الْمِسْكِينِ مِنْ أَنَّهُ مَنْ قَدَرَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَسْبٍ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ وَلَا يَكْفِيه هَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ الْكِفَايَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ كُلَّ السَّنَةِ أَوْ الْعُمْرَ الْغَالِبَ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَخِيرِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَا حَدّه وَمَا حَدُّ الْغَنِيِّ الَّذِي لَا يَجُوزُ مَعَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ فَإِذَا كَانَ رَجُلٌ عُمْرُهُ عِشْرُونَ سَنَةً مَثَلًا وَلَمْ يَكُنْ كَاسِبًا وَعِنْدَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ مَثَلًا وَمُؤْنَتُهُ كُلَّ سَنَةٍ أَلْفٌ مَثَلًا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةُ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ يَجُوزُ فَمَا الْحَدُّ الَّذِي يَجُوزُ أَخْذُهُ وَكَمْ يُعْطِي الدَّافِعُ لَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَنْ تَحَقَّقَ بِالْفَقْرِ أَوْ الْمَسْكَنَةِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ يُحْسِنُ حِرْفَةً أَوْ تِجَارَةً أَوْ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ شَيْءٌ أَوْ لَا فَأَمَّا مَنْ لَهُ حِرْفَةٌ فَإِنَّهُ يُعْطَى ثَمَنَ آلَاتِ حِرْفَتِهِ الَّتِي يَقُومُ دَخْلُهَا بِخَرْجِهِ عَلَى الدَّوَامِ فَإِنْ لَمْ يَفِ دَخْلُهَا بِخَرْجِهِ كَمَّلْنَا لَهُ الزَّائِد بِأَنْ نَضُمَّ إلَى ثَمَنِ تِلْكَ الْآلَاتِ شِرَاءَ مَحَلٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute