فَتَاوَى الْقَاضِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا فِي مَسْأَلَتِنَا الصِّحَّةَ وَأَنَّ تَفْصِيل الْمُتَوَلِّي إمَّا ضَعِيفٌ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا كَانَ فِسْقُ الْوَلِيِّ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ مُوَلِّيَتَهُ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَ فِسْقُ الْقَاضِي بِغَيْرِ فِسْقِ الْوَلِيِّ فَمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ مِنْهُمَا وَإِذَا كَثُرَ الْفِسْقُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فَهَلْ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ تَارِكُ الصَّلَاةِ مُوَلِّيَتَهُ لِفِسْقِهِ فَتَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ ثُمَّ لِلْقَاضِي مُطْلَقًا لَكِنْ اخْتَارَ النَّوَوِيُّ كَابْنِ الصَّلَاحِ مَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ مِنْ بَقَائِهَا لِلْوَلِيِّ إذَا كَانَتْ تَنْتَقِلُ إلَى حَاكِمٍ فَاسِقٍ بِمَا لَا يَنْعَزِلُ بِهِ وَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِحَضْرَةِ فَاسِقٍ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْفِسْقِ وَإِنَّمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ وَتَعَسُّرِ وُجُودِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ فِي شُهُودِهِ اُكْتُفِيَ فِيهِ بِالْمَسْتُورِينَ وَالْمَسْتُورُ هُوَ مَنْ عُرِفَ ظَاهِرُهُ بِالْخَيْرِ وَالتَّصَوُّنِ وَلَمْ يُعْرَفْ بَاطِنُهُ بِالتَّزْكِيَةِ عِنْد الْقَاضِي، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
وَسُئِلَ زَوَّجَ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ مُوَلِّيَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ بَالِغٌ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِمَهْرِ مِثْلٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى مُعْسِرٍ غَيْرِ كُفْءٍ لَهَا هَلْ هَذَا الْعَقْدُ صَحِيحٌ أَوْ لَا وَمَا الْحُكْمُ إذَا عَقَدَ الْحَاكِم الشَّرْعِيُّ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ بِالْبِنْتِ الْبِكْرِ الْبَالِغِ عَلَى شَخْصٍ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَوْ لَا وَإِذَا عَقَدَ الْوَلِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ لَامْرَأَةٍ بَالِغَةٍ ثَيِّبَةٍ رَشِيدَةٍ عَلَى شَخْصٍ غَيْرِ كُفْءٍ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِهِ عَلَى مُعْسِرٍ بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا هَلْ هَذَا صَحِيحٌ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَ لَهَا أَوْلِيَاءٌ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَعْقِدَ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ مَنْ يَعْقِدُ بِهَا الْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ أَوْ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ بِرِضَاهُمْ وَرِضَاهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِكْرًا بَالِغًا أَوْ ثَيِّبًا أَمْ لَا وَهَلْ يَكُونُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ الثَّيِّبِ السَّفِيهَةِ كَالْبِكْرِ إذَا عَقَدَ بِهَا عَلَى الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ تَزْوِيجُ الْمُجْبَرِ أَوْ غَيْرِهِ مُعْسِرًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ غَيْرَ كُفْءٍ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمَرْأَةِ أَوْ مَعَ صِغَرِهَا بَاطِلٌ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَعَقْدُ الْحَاكِمِ بِغَيْرِ كُفْءٍ بَاطِلٌ وَكَذَا بِمُعْسِرٍ إلَّا إنْ رَضِيَتْ بِهِ مَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَيُزَوِّجُ الْوَلِيُّ كَابْنِ الْعَمِّ مُسَاوِيَةً فِي دَرَجَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالْحَاكِمُ هَذَا كُلُّهُ فِي بَالِغَةٍ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ رَشِيدَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ أَذِنَتْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) أَفْتَى جَمْعٌ بِامْتِنَاعِ تَزْوِيجِ الْمُجْبَرِ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ مِنْ تَارِكِ الصَّلَاةِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ هُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ فَسَقَ بِالتَّرْكِ وَلَوْ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ لَهَا لِفِسْقِهِ وَعِفَّتِهَا إذْ الْقَلَمُ مَرْفُوعٌ عَنْهَا نَعَمْ لَوْ تَابَ الزَّوْجُ الْفَاسِقُ تَوْبَةً صَحِيحَةً فَالْوَجْهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْخَادِمِ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ مَا لَوْ تَابَ الْوَلِيُّ الْفَاسِقُ هَلْ يُزَوِّجُ فِي الْحَالِ أَوْ لَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ فِي الْحَالِ وَالْكَلَامُ فِي فِسْقٍ بِغَيْرِ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَشَرْطُ صِحَّةِ التَّوْبَةِ مِنْهُ قَضَاءُ مَا عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) فِي رَجُلٍ جَامَعَ زَوْجَتَهُ مُتَفَكِّرًا فِي مَحَاسِنِ أَجْنَبِيَّةٍ فَهَلْ يُحَرَّمُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْبَزْرِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي طَبَقَاتِهِ وَرَجَّحَ عَدَمَ التَّأْثِيمِ لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ» أَيْ بِالْعَمَلِ الَّذِي عَزَمَ عَلَيْهِ وَهَذَا لَمْ يَعْمَلْ بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ اهـ وَيُؤَيِّدُ التَّحْرِيمَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الصَّوْمِ مِنْ تَعْلِيقِهِ كَمَا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ لِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ يُحَرَّمُ التَّفَكُّرُ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ} [البقرة: ٢٦٧] فَمَنَعَ مِنْ التَّيَمُّمِ مِمَّا لَا يَحِلُّ كَمَا مَنَعَ مِنْ النَّظَرِ إلَى مَا لَا يَحِلُّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) دَلَّتْ الْقَرَائِنُ فِي إذْنِ امْرَأَةٍ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا عَلَى شِدَّةِ شَبَقِهَا فَزَوَّجَهَا بِطِفْلٍ كُفْءٍ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ فَهَلْ يَصِحُّ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ صَرِيحُ مَا فِي الْخَادِمِ عَنْ النَّصِّ فِي مَبْحَثِ مَا لَوْ زَوَّجَ الْمُجْبِرُ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ بِنَحْوِ أَعْمًى عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَتنَا وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ الْوَلِيَّ عِنْد الْإِذْنِ الْمُطْلَقِ يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ وَلَا مَصْلَحَةَ لَهَا عِنْدَ التَّوَقَانِ فِي تَزْوِيجِ الطِّفْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مُدْرَكًا لَا نَقْلًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِأَنَّ بَيْنَ الْخَاطِبِ وَالْمَخْطُوبَةِ رَضَاعًا مُحَرَّمًا فَهَلْ يُزَوِّجُهَا الْقَاضِي أَوْ الْأَبْعَدُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الَّذِي يُزَوِّجُهَا هُوَ الْقَاضِي لِبَقَاءِ وِلَايَةِ الْوَلِيِّ فَهُوَ كَالْعَاضِلِ.
(وَسُئِلَ) عَنْ