للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُنَازَعَةُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفْهَمَ مِنْ قَوْلِهِمْ فَوَلَّتْ أَمَرَهَا عَدْلًا يُزَوِّجُهَا جَازَ لَهَا أَنَّهَا وَحْدَهَا تُوَلِّيه بَلْ لَا بُدَّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَنْ تُحَكِّمَهُ هِيَ وَالزَّوْجُ فَإِذَا حَكَّمَاهُ صَارَ مُحَكَّمًا وَيَثْبُتُ لَهُ مَا يَثْبُت لِلْقَاضِي ثُمَّ هَذَا الْمُحَكَّم إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا جَازَ حَتَّى مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا لَمْ يَجُزْ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي رَدِّ هَذَا الرَّابِعِ يُعْلَمُ رَدُّ أَمْرِهِ الْخَامِسِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ السَّادِسُ أَنَّ الْإِمَامَ الرَّافِعِيَّ إلَخْ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ وَالنَّوَوِيَّ مُتَّفِقَانِ عَلَى جَوَازِ تَحْكِيمِ الْمُجْتَهِدِ فِي النِّكَاحِ فَإِلْزَامُهُ النَّوَوِيَّ التَّنَاقُضَ دُونَ الرَّافِعِيِّ تَحَكُّمُ عَلَى أَنَّ إلْزَامَ التَّنَاقُضَ مِنْ أَصْلِهِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُمْ هُنَا خَيَّرُوهُ بَيْنَ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ وَسَكَتُوا عَنْ أَمْرٍ رَابِعٍ عُلِمَ مِمَّا قَدِمُوهُ وَهُوَ تَحْكِيمُ الْمُجْتَهِدِ بِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَكَذَا تَحْكِيمُ الْعَدْلِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ فَأَيُّ تَنَاقُضٍ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ الْأَمْرُ السَّابِعُ أَنَّ فِي الْوَكَالَةِ إلَخْ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ أَيْضًا لِأَنَّا لَمْ نَقُلْ أَنَّهَا تُوَكِّلُ عَدْلًا فِي تَزْوِيجِهَا وَإِنَّمَا الَّذِي قُلْنَاهُ أَنَّهَا هِيَ وَمَنْ يُرِيدُ تَزَوُّجَهَا يُحَكِّمَانِ عَدْلًا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْهُ وَالتَّحْكِيمُ غَيْرُ التَّوْكِيلِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى فَهْمٍ وَبِهَذَا بَطَلَ قَوْلُهُ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ إلَخْ وَوَجْه الِاقْتِضَاءِ أَنَّهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ التَّوْكِيلُ بِالتَّحْكِيمِ فَأَخَذَ مِنْ مَنْعِهِمْ التَّوْكِيلَ مَنْعَهُمْ التَّحْكِيمَ وَهُوَ أَخْذٌ بَاطِلٌ مَنْشَؤُهُ عَدَمُ الْفَهْمِ أَوْ عَدَمُ التَّأَمُّلِ وَحِينَئِذٍ بَطَلَ مَا فَرَّعَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَجَبَ اتِّبَاعُ الْأَكْثَرِينَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ التَّحْكِيم لَمْ يَقُلْ أَكْثَر الْأَصْحَابِ بِمَنْعِهِ.

وَإِنَّمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ الْمُوَافَقَةُ وَبَعْضِهِمْ الْمُخَالَفَة كَمَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَا وَلَا غَيْرُهُمَا أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ وَتَبِعَهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْجَوَازَ فَاعْتَمَدْنَاهُ وَأَخَذْنَا بِهِ عَلَى أَنَّ اتِّبَاعَ الْأَكْثَرِينَ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَكْثَرِ وَإِلَّا فَالشَّيْخَانِ كَثِيرًا مَا يُخَالِفَانِ الْأَكْثَرِينَ بَلْ وَقَعَ لَهُمَا فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُمَا حَكَيَا عَنْ الْأَكْثَرِينَ فَرْعًا وَعَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ خِلَافُهُ وَصَوَّبَا مَا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ وَحْدَهُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِسَائِرِ الْأَصْحَابِ كَمَا بَيَّنْت ذَلِكَ مَعَ تَحْقِيقِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي بَعْض الْفَتَاوَى وَفِي خُطْبَةِ بَعْضِ الْعَبَابِ.

وَبِهَذَا كُلُّهُ بَطَلَ قَوْلُهُ الْأَمْرُ الثَّامِنُ إلَخْ وَظَهَرَ أَنَّ الْحَقَّ مَا قَالَهُ الْمُجِيبُ الْأَوَّلُ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا عَدَاهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ وَلَا مُعَوِّلَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) الْجَدُّ الْمُجْبِرُ الَّذِي لَهُ أَنْ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ هَلْ لَهُ أَنْ يُوَكَّل فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ؟

(فَأَجَابَ) نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَكَلَامُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ صَرِيحٌ فِيهِ أَيْضًا فَزَعْمُ امْتِنَاعِ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ غَابَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْر وَلَهُ ابْنَةٌ بَالِغَةُ وَأَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِكُفْءٍ فَمَنْ يَلِي أَمَرَهَا فَإِنْ قُلْتُمْ السُّلْطَانُ فَهَلْ يَلِي بِالْوِلَايَةِ أَوْ بِالنِّيَابَةِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالنِّيَابَةِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَبَ يُزَوِّج ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِغَيْرِ إذْنِهَا فَلِمَ لَا يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ إذَا غَابَ وَقَدْ قُلْتُمْ أَنَّهُ نَائِبٌ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَزْوِيجِ السُّلْطَانِ هَلْ هُوَ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَوْ بِالنِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَجْهَانِ وَبَعْضُ الْفُرُوعِ بَلْ أَكْثَرُهَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَبَعْضُهَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّانِي وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي ذَلِكَ وَبِهِ تَنْضَبِطُ الْفُرُوعُ مَا ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَأَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّهُ فِي الْغَيْبَةِ وَنَحْوِهَا يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَعِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ يُزَوِّجُ بِمَحْضِ الْوِلَايَةِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ السَّائِلِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالنِّيَابَةِ إلَخْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَبُو امْرَأَةٍ بَالِغِ ثَيِّبٍ عَاقِلَةٍ أَذِنَتْ لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا فَجَاءَ أَبُوهَا إلَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ وَقَالَ لَهُ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِ بِنْتِي بِفُلَانٍ وَلَمْ يَأْتِ بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى إذْنِهَا لِأَبِيهَا فَعَقَدَ لَهَا الْقَاضِي بِذَلِكَ الْإِذْنِ الصَّادِرِ مِنْ أَبِيهَا لَهُ فَهَلْ هَذَا الْعَقْدُ صَحِيحٌ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِالْإِذْنِ لِأَبِيهَا أَوْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَكْفِي، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ فَرْعٍ نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ الْأَقْفَهْسِيّ عَنْ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ لَوْ أَذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ فَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِلَا مَهْرٍ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ دُونِ مَا أَذِنَتْ فِيهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>