للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زَوَّجَ الْأَبُ الْبِكْرَ الصَّغِيرَةَ أَوْ الْكَبِيرَةَ بِلَا مَهْرٍ أَوْ أَقَلّ مِنْهُ قَالَ أَصْحَابُنَا الْبَغْدَادِيُّونَ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَحَكَى عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ قَوْلَيْنِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ فَمَا الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلَيْ الطَّائِفَتَيْنِ وَمَا الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَهَلْ يَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ بِكْرًا صَغِيرَةً أَوْ بَالِغَةً غَيْرَ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَوْ مُعْسِرًا أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ نَعَمْ تَزْوِيجُ الْأَبِ الْبِكْرَ الصَّغِيرَةَ بِغَيْرِ كُفْءٍ بَاطِلٌ وَإِنْ رَضِيَتْ إذْ لَا عِبْرَة بِرِضَاهَا وَكَذَا تَزْوِيجُهَا بِمُعْسِرٍ بِمَهْرِ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ بَاطِلٌ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَتَزْوِيجُ الْبَالِغَةِ مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ بِرِضَاهَا بِهِ صَحِيحٌ وَبِغَيْرِهِ بَاطِلٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمْ.

(وَسُئِلَ) عَنْ النَّظَرِ لِلْأَمْرَدِ هَلْ يَجُوزُ لِحَاجَةِ تَعْلِيمِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِذَا قُلْتُمْ بِالْجَوَازِ فَالتَّعَفُّفُ عَنْ ذَلِكَ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَى التَّعَلُّمِ مُبَاحٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَهَلْ يُنْدَبُ لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ التَّعَفُّفِ لِأَنَّ الصُّورَة أَنَّهُ لَا مَحْذُورَ هُنَا أَمْ لَا وَمَا الْمُرَادُ بِالْأَمْرَدِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَجُوزُ نَظَرُ الْأَمْرَدِ لِتَعْلِيمِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَالصَّنَائِعَ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا وَلَيْسَ مِنْ الْوَرَعِ تَرْكُ التَّعْلِيمِ وَإِنْ اُحْتِيجَ مَعَهُ إلَى نَظَرٍ لَا مَحْذُورَ يُخْشَى مِنْهُ فَقَدْ كَانَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ رِضْوَانُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِمْ يُخَالِطُونَ الْمُرْدَ لِلتَّعْلِيمِ وَمَعَ ذَلِكَ كَانُوا يُسَمُّونَهُمْ الْأَنْتَانِ وَيَقُولُونَ إنَّ فِتْنَتَهُمْ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ النِّسَاءِ فَحَيْثُ خُشِيَ مِنْ مُخَالَطَتِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ اجْتِنَابُهُمْ إمَّا وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا مَا لَمْ يَنْحَصِرْ التَّعْلِيمُ فِي شَخْصٍ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّن عَلَيْهِ وَحَيْثُ لَمْ يُخْشَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَانَ تَعْلِيمُهُمْ قُرْبَةً أَيَّ قُرْبَة وَكَانَ الْوَرَعُ فِعْلُهُ لَا تَرْكُهُ وَالْمَدَارُ عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ وَمَا تَشْهَدُ بِهِ قَرَائِنُ أَحْوَالِ النَّفْسِ وَإِنَّمَا يُحَرَّمُ النَّظَرُ لِلْأَمْرَدِ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ طُلُوع لِحْيَتِهِ الْحُسْنُ وَمَنْ يُلْتَذُّ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ إمَّا عُرْفًا أَوْ عِنْدَ النَّاظِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُسْنَ أَمْرٌ كُلِّيٌّ مُنْضَبِط فِي الْعُرْفِ أَوْ جُزْئِيٌّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الطِّبَاعِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْن أَصْحَابِنَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ هَلْ لِمَالِكِهِ أَنْ يُزَوِّجهُ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ بِغَيْرِ إذْن الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَمْ لَا يُزَوِّجُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ كَالْمَرْهُونِ فَإِنْ قُلْتُمْ يُزَوَّجُهُ سَيِّدُهُ بِغَيْرِ إذْن الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَتَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى تَعَلُّقِ الرَّهْنِ فَهُنَاكَ لَا يُزَوِّجُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَكَيْفَ يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ هُنَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ مَعَ تَقَدُّمِ تَعَلُّقِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْقِنَّ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ كَالْمُرْتَهِنِ بَلْ أَوْلَى وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُمْ يَنْفَكُّ مِنْ الْجَانِي بِقَدْرِ مَا أَدَّى السَّيِّدُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ شَيْءٌ مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ لِمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ شَخْصٍ مُقَلِّدٍ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْ الْإِمَامَ مَالِكًا رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي تَزَوُّجِ بِكْرٍ غَيْرِ بَالِغَةٍ غَابَ وَلِيُّهَا بِوِلَايَةِ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ عَلَيْهَا بِمَا يَقْتَضِيه مَذْهَبُهُ مِنْ غَيْرِ تَتَبُّعٍ لِلرُّخْصِ بَلْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَحْدَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْجَوَازِ فَمَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَصَرَّحَ بِالتَّحْرِيمِ مُطْلَقًا هَلْ هُوَ مُخْطِئٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ تَقْلِيدُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي التَّزَوُّجِ الْمَذْكُورِ بِشَرْطِ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى ثِقَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ وَيَسْتَخْبِرُهُ عَنْ شُرُوطِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَجَمِيعِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا وَمَنْ أَطْلَقَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ الْحَامِلِ مِنْ زِنًا هَلْ يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَمَّا انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ مِنْ الزِّنَا فَفِيهِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ لِأَئِمَّتِنَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَنْقَضِي مَعَهُ إذَا كَانَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ مُطْلَقًا أَوْ عِدَّةَ طَلَاقٍ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ أَوْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ وَحَاضَتْ عَلَى الْحَمْلِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ عَلَيْهِ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إلَّا بِالْأَقْرَاءِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا وَلَوْ زَنَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَوْ الطَّلَاقِ وَحَبِلَتْ مِنْ الزِّنَا لَمْ يَمْنَع ذَلِكَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِالتَّفْصِيلِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَأَمَّا نِكَاحُ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا فَفِيهِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ أَيْضًا بَيْن أَئِمَّتِنَا وَغَيْرِهِمْ وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا الصِّحَّةُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>